وَلَوْ نَامَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ تَوَسَّدَ مَتَاعًا فَمُحْرَزٌ، فَلَوْ انْقَلَبَ فَزَالَ عَنْهُ فَلَا،
ــ
[مغني المحتاج]
فَيُقَوَّى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، بِخِلَافِ سَائِرِ اللَّيَالِي، وَالثِّيَابُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَى بَابِ حَانُوتِ الْقَصَّارِ وَنَحْوُهُ كَأَمْتِعَةِ الْعَطَّارِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى بَابِ حَانُوتِهِ فِيمَا مَرَّ، وَالْقُدُورُ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا فِي الْحَوَانِيتِ مُحَرَّزَةٌ بِسِدَدٍ تُنْصَبُ عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ لِلْمَشَقَّةِ فِي نَقْلِهَا إلَى بِنَاءِ وَإِغْلَاقِ بَابٍ عَلَيْهَا، وَالْحَانُوتُ الْمُغْلَقُ بِلَا حَارِسٍ حِرْزٌ لِمَتَاعِ الْبَقَّالِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ وَلَوْ لَيْلًا لِانْتِفَاعِ الْبَزَّازِ لَيْلًا، بِخِلَافِ الْحَانُوتِ الْمَفْتُوحِ وَالْمُغْلَقِ زَمَنَ الْخَوْفِ وَحَانُوتِ مَتَاعِ الْبَزَّازِ لَيْلًا، وَالْأَرْضُ حِرْزٌ لِلْبَذْرِ، وَالزَّرْعِ لِلْعَادَةِ، وَقِيلَ لَيْسَتْ حِرْزًا إلَّا بِحَارِسٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ النَّوَاحِي، فَيَكُونُ مُحْرَزًا فِي نَاحِيَةٍ بِحَارِسٍ، وَفِي غَيْرِهَا مُطْلَقًا اهـ.
وَهَذَا أَوْجَهُ، وَالتَّحْوِيطُ بِلَا حَارِسٍ لَا يُحَرِّزُ الثِّمَارَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْأَشْجَارِ إلَّا إنْ اتَّصَلَتْ بِجِيرَانٍ يُرَاقِبُونَهَا عَادَةً، وَأَشْجَارُ أَفْنِيَةِ الدُّورِ مُحْرَزَةٌ بِلَا حَارِسٍ، بِخِلَافِهَا فِي الْبَرِيَّةِ، وَالثَّلْجُ فِي الْمُثَلِّجَةِ، وَالْجَمْدُ فِي الْمُجَمِّدَةَ، وَالتِّبْنُ فِي الْمَتْبَنِ، وَالْحِنْطَةُ فِي الْمَطَامِيرِ، كُلٌّ مِنْهَا فِي الصَّحْرَاءِ غَيْرُ مُحْرَزٍ إلَّا بِحَارِسٍ، وَأَبْوَابُ الدُّورِ وَالْبُيُوتِ الَّتِي فِيهَا، وَالْحَوَانِيتُ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ مَغَالِيقَ وَحُلُقٍ وَمَسَامِيرَ مُحْرَزَةٌ بِتَرْكِيبِهَا وَلَوْ مَفْتُوحَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ أَحَدٌ، وَمِثْلُهَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ سُقُوفُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَرُخَامُهَا وَالْآجُرُّ مُحْرَزٌ بِالْبِنَاءِ وَالْحَطَبِ وَطَعَامُ الْبَيَّاعِينَ مُحْرَزٌ بِشَدِّ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا إلَى بَعْضٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِحَلِّ الرِّبَاطِ أَوْ بِفَتْقِ بَعْضِ الْغَرَائِرِ حَيْثُ اُعْتِيدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ بَابٌ مُغْلَقٌ.
(وَلَوْ نَامَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ) وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعٍ مُبَاحٍ كَشَارِعٍ (عَلَى ثَوْبٍ) أَوْ لَابَسَا لَعِمَامَتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا كَمَدَاسِهِ وَخَاتَمِهِ (أَوْ تَوَسَّدَ) أَيْ: وَضَعَ (مَتَاعًا) تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ اتَّكَأَ عَلَيْهِ (فَمُحْرَزٌ) فَيُقْطَعُ السَّارِقُ بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِقَطْعِ سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَرِدَاؤُهُ كَانَ مُحْرَزًا بِاضْطِجَاعِهِ عَلَيْهِ، وَلِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُقْطَعُ بِتَغْيِيبِهِ عَنْهُ وَلَوْ بِدَفْنِهِ إذْ إحْرَازُ مِثْلِهِ بِالْمُعَايَنَةِ، فَإِذَا غَيَّبَهُ عَنْ عَيْنِ الْحَارِسِ بِحَيْثُ لَوْ نُبِّهَ لَهُ لَمْ يَرَهُ كَأَنْ دَفَنَهُ فِي تُرَابٍ، أَوْ وَارَاهُ تَحْتَ ثَوْبِهِ أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ.
تَنْبِيهٌ اسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِيمَا لَوْ تَوَسَّدَ شَيْئًا لَا يُعَدُّ التَّوَسُّدُ حِرْزًا لَهُ كَمَا لَوْ تَوَسَّدَ كَيْسًا فِيهِ نَقْدٌ أَوْ جَوْهَرٌ وَنَامَ فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ حَتَّى يَشُدَّهُ بِسَوْطِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَيْ: تَحْتَ الثِّيَابِ وَقَيَّدَ الْمَرْوَزِيُّ الْقَطْعَ بِأَخْذِ الْخَاتَمِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُخَلْخَلًا فِي يَدٍ، أَوْ كَانَ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ (فَلَوْ انْقَلَبَ) فِي نَوْمِهِ (فَزَالَ عَنْهُ) أَيْ الثَّوْبُ (فَلَا) يَكُونُ حِينَئِذٍ مُحْرَزًا فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ، وَلَوْ قَلَبَهُ السَّارِقُ عَنْ الثَّوْبِ ثُمَّ أَخَذَهُ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ لِمَا مَرَّ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا عِنْدَنَا شَاذٌّ مَرْدُودٌ لَا وَجْهَ لَهُ، وَاَلَّذِي نَعْتَقِدُهُ الْقَطْعَ بِخِلَافِهِ، لِأَنَّهُ أَزَالَ الْحِرْزَ ثُمَّ أَخَذَ النِّصَابَ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَقَبَ الْحَائِطَ أَوْ كَسَرَ الْبَابَ أَوْ فَتَحَهُ وَأَخَذَ النِّصَابَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِاتِّفَاقٍ اهـ.
وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَالَ ثُمَّ لَمَّا أَخَذَهُ كَانَ مُحْرَزًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ لِتَقْصِيرٍ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ جَمَلًا وَصَاحِبُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute