وَمَاشِيَةٌ بِأَبْنِيَةٍ مُغْلَقَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ مُحْرَزَةٌ بِلَا حَافِظٍ.
وَبِبَرِّيَّةٍ يُشْتَرَطُ حَافِظٌ وَلَوْ نَائِمٌ.
ــ
[مغني المحتاج]
لِحُصُولِ الْإِحْرَازِ عَادَةً، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَلَا بِقُرْبِهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَبَعِيدٌ عَنْ الْغَوْثِ فَلَيْسَتْ حِرْزًا، نَعَمْ إنْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا لَمْ يُعْتَبَرْ الْقُرْبُ: بَلْ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ تَحْصُلُ مِنْهُ الْمُلَاحَظَةُ وَيَرَاهُ السَّارِقُ بِحَيْثُ يَنْزَجِرُ بِهِ. قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ: وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إسْبَالُ بَابِهَا إذَا كَانَ مَنْ فِيهَا نَائِمًا. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَرَّ أَنَّ بَابَ الدَّارِ إذَا كَانَ مَفْتُوحًا وَالْحَافِظُ فِيهَا نَائِمٌ لَمْ تَكُنْ حِرْزًا فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ: بِأَنَّ الْخَيْمَةَ تُهَابُ غَالِبًا فَاكْتَفَى فِيهَا بِذَلِكَ بِخِلَافِ الدَّارِ، فَلَوْ شُدَّتْ أَطْنَابُهَا وَلَمْ تُرْخَ أَذْيَالُهَا فَهِيَ مُحْرَزَةٌ دُونَ مَا فِيهَا فَيُعْتَبَرُ فِي نَفْسِ الْخَيْمَةِ أَمْرَانِ: حَافِظٌ وَشَدُّ أَطْنَابِهَا وَفِيمَا فِيهَا ثَلَاثَةٌ: هَذَانِ، وَإِرْخَاءُ أَذْيَالِهَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَاوَاةَ حُكْمِ الْخَيْمَةِ وَمَا فِيهَا. وَأَوْرَدَ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ فِيهَا نَائِمٌ فَنَحَّاهُ السَّارِقُ ثُمَّ سَرَقَ فَلَا قَطْعَ كَمَا مَرَّ فِي الثَّوْبِ الْمَفْرُوشِ تَحْتَهُ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَتُرْخَى بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ بِخَطِّهِ عَلَى أَنَّهُ مَرْفُوعٌ مِنْ عَطْفِ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ: أَيْ: انْتَفَى الشَّدُّ وَالْإِرْخَاءُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ صَرَّحَ بِالنَّافِي فِي الْمَعْطُوفِ كَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ كَانَ أَوْضَحَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْزُومًا عَطْفًا عَلَى تُشَدُّ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ حَذْفُ الْأَلِفِ لِلْجَازِمِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا حُذِفَتْ وَأَنَّ الْمَوْجُودَةَ تَوَلَّدَتْ مِنْ إشْبَاعِ فَتْحَةِ الْخَاءِ كَمَا قِيلَ بِإِشْبَاعِ الْكَسْرِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إذَا الْعَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِي ... وَلَا تَرْضَاهَا وَلَا تَمَلَّقِي
بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ.
(وَمَاشِيَةٌ) مِنْ إبِلٍ وَخَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ وَغَيْرِهَا (بِأَبْنِيَةٍ مُغْلَقَةٍ) أَبْوَابُهَا (مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ مُحْرَزَةٌ) بِهَا وَلَوْ (بِلَا حَافِظٍ) لِلْعُرْفِ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَحَاطَتْ بِهِ الْمَنَازِلُ الْأَهْلِيَّةُ، فَأَمَّا إذَا اتَّصَلَتْ بِالْعِمَارَةِ وَلَهَا جَانِبٌ آخَرُ مِنْ جِهَةِ الْبَرِيَّةِ فَإِنَّهَا تُلْحَقُ بِالْبَرِيَّةِ وَسَيَأْتِي، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مُغْلَقَةٍ، مَا لَوْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَافِظِ وَلَوْ كَانَ نَائِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُعْتَمَدِ. فَإِنْ قِيلَ: قَيَّدَ الْمُصَنِّف سَابِقًا الدَّارَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْعِمَارَةِ بِكَوْنِهَا مُحْرَزَةً نَهَارًا زَمَنَ أَمْنٍ، وَلَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ يَتَسَامَحُ فِي أَمْرِ الْمَاشِيَةِ دُونَ غَيْرِهَا.
(وَ) مَاشِيَةٌ بِأَبْنِيَةٍ مُغْلَقَةٍ (بِبَرِّيَّةٍ يُشْتَرَطُ) فِي إحْرَازِهَا لِمَا فِيهَا (حَافِظٌ) قَوِيٌّ أَوْ ضَعِيفٌ يُبَالِي بِهِ (وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) فَإِنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا اُشْتُرِطَ حَافِظٌ مُسْتَيْقِظٌ، وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا: مُغْلَقَةٍ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَوْمَهُ بِالْبَابِ الْمَفْتُوحِ كَافٍ، وَيَكْفِي كَوْنُ الْمُرَاحِ مِنْ حَطَبٍ أَوْ حَشِيشٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُرَاحِ بِالْبَرِيَّةِ اجْتِمَاعَهَا فِيهِ بِحَيْثُ يَحُسُّ بَعْضُهَا بِحَرَكَةِ بَعْضٍ وَأَنْ يَكُونَ مَعَهَا حَافِظٌ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا كَفَى، فَإِنْ نَامَ احْتَاجَ إلَى شَرْطٍ ثَالِثٌ وَهُوَ مَا يُوقِظُهُ إنْ أُرِيدَ سَرِقَتُهَا كَكِلَابٍ تَنْبَحُ أَوْ أَجْرَاسٍ تَتَحَرَّكُ، فَإِنْ أَخَلَّ بِهَذَا عِنْدَ نَوْمِهِ لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً، وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْحَافِظُ ضَعِيفًا لَمْ يُبَالِ بِهِ السَّارِقُ وَلَا يَلْحَقُهُ غَوْثٌ فَكَالْعَدِمِ كَمَا مَرَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute