للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ.

وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهَا

ــ

[مغني المحتاج]

عَنْ غَيْرِهَا، وَالشِّفَاءَ، وَوَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ، وَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ، وَالْكَنْزَ، وَالْحَمْدَ لِذِكْرِ الْحَمْدِ فِيهَا.

قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَفِي تَفْسِيرِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ مَخْلَدٍ: أَنَّ إبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - رَنَّ أَرْبَعَ رَنَّاتٍ: رَنَّةٌ حِينَ لُعِنَ، وَرَنَّةٌ حَيْثُ أُهْبِطَ، وَرَنَّةٌ حِينَ وُلِدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَنَّةٌ حِينَ أُنْزِلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ (إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ) فَإِنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ لُزُومِ الْمَسْبُوقِ الْفَاتِحَةَ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَتَحَمَّلَهَا عَنْهُ الْإِمَامُ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا أَوْ فِي خَامِسَةٍ أَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تُحْسَبُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ تَعْيِينَهَا لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ، وَيُتَصَوَّرُ سُقُوطُ الْفَاتِحَةِ أَيْضًا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَصَلَ لِلْمَأْمُومِ فِيهِ عُذْرٌ تَخَلَّفَ بِسَبَبِهِ عَنْ الْإِمَامِ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَزَالَ عُذْرُهُ، وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَيَحْتَمِلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ كَمَا لَوْ كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ السُّجُودِ بِسَبَبِ زَحْمَةٍ أَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَتَخَلَّفَ لَهَا، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى الْحَصْرِ فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ.

(وَالْبَسْمَلَةُ) آيَةٌ (مِنْهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّ الْفَاتِحَةَ سَبْعَ آيَاتٍ، وَعَدَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً مِنْهَا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ.

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَرَأْتُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاقْرَءُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي وَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إحْدَى آيَاتِهَا» .

وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: أَيْ إلَى آخِرِهَا سِتَّ آيَاتٍ» .

فَإِنْ قِيلَ يَشْكُلُ وُجُوبُهَا فِي الصَّلَاةِ بِقَوْلِ أَنَسٍ «كَانَ النَّبِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (١) كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَبِقَوْلِهِ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

أُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِسُورَةِ الْحَمْدِ، وَيُبَيِّنُهُ مَا صَحَّ عَنْ أَنَسٍ كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ " إنَّهُ كَانَ يُجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ، وَقَالَ: لَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ".

وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ أَئِمَّتُنَا: إنَّهُ رِوَايَةٌ لِلَفْظِ الْأُولَى بِالْمَعْنَى الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الرَّاوِي بِمَا ذَكَرَ بِحَسَبِ فَهْمِهِ، وَلَوْ بَلَغَ الْخَبَرُ بِلَفْظِهِ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ لَأَصَابَ: إذْ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْحُفَّاظُ، وَآيَةُ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ إلَّا بَرَاءَةً لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى إثْبَاتِهَا فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّهِ أَوَائِلَ السُّوَرِ سِوَى بَرَاءَةَ دُونَ الْأَعْشَارِ وَتَرَاجِمِ السُّوَرِ وَالتَّعَوُّذِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَمَا أَجَازُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى اعْتِقَادِ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ قُرْآنًا وَلَوْ كَانَتْ لِلْفَصْلِ كَمَا قِيلَ لَأُثْبِتَتْ فِي أَوَّلِ بَرَاءَةٍ وَلَمْ تَثْبُتْ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: الْقُرْآنُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ، أُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا قَطْعًا.

أَمَّا مَا يَثْبُتُ قُرْآنًا حُكْمًا فَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>