وَقَتْلُ جَلَّادٍ وَضَرْبُهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ إنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ وَإِلَّا فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ إنْ لَمْ يَكُنْ إكْرَاهٌ.
وَيَجِبُ خِتَانُ الْمَرْأَةِ بِجُزْءٍ مِنْ اللَّحْمَةِ بِأَعْلَى الْفَرْجِ، وَالرَّجُلِ بِقَطْعِ مَا تُغَطِّي حَشَفَتَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الشَّافِعِيُّ فِي الْخَاتِنِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الطَّبِيبَ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ لَمْ يَضْمَنْ.
(وَقَتْلُ جَلَّادٍ وَضَرْبُهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ) الْقَتْلَ وَالضَّرْبَ (إنْ جَهِلَ) الْجَلَّادُ (ظُلْمَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (وَخَطَأَهُ) فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِالْإِمَامِ قَوَدًا وَمَالًا لَا بِالْجَلَّادِ لِأَنَّهُ آلَتُهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي السِّيَاسَةِ، فَلَوْ ضَمَّنَّاهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْجَلْدَ أَحَدٌ، لَكِنْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا مِنْ النَّوَادِرِ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ مُبَاشِرٌ مُخْتَارٌ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فِي الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ ظُلْمَهُ أَوْ خَطَأَهُ (فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ) وَحْدَهُ. هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ) هُنَاكَ (إكْرَاهٌ) مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ لِتَعَدِّيهِ، إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ لِمَا عَلِمَ الْحَالَ أَنْ يَمْتَنِعَ، إذْ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةٍ، نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ الطَّاعَةِ فِي الْمَعْصِيَةِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ لَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي وَأَقَرَّاهُ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ إكْرَاهٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا بِالْمَالِ قَطْعًا وَبِالْقِصَاصِ عَلَى الْأَظْهَرِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي خَطَأٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَحُرٍّ بِعَبْدٍ، فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَوْ اعْتَقَدَ الْإِمَامُ جَوَازَهُ دُونَ الْجَلَّادِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ إكْرَاهٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَإِلَّا فَعَلَى الْجَلَّادِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْجَوَازَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِمَامُ الْمَنْعَ وَالْجَلَّادُ الْجَوَازَ، فَقِيلَ بِبِنَائِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي عَكْسِهِ وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْجَلَّادَ مُخْتَارٌ عَالِمٌ بِالْحَالِ وَالْإِمَامُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ النَّظَرَ وَالِاجْتِهَادَ، بَلْ الْقَتْلَ فَقَطْ، فَالْجَلَّادُ كَالْمُسْتَقِلِّ. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَمَا ضَعَّفَهُ جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ، وَلَوْ أَسْرَفَ الْمُعَزِّرُ مَثَلًا أَوْ ظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ الْقَتْلِ تَعَلَّقَ بِهِ الْقَصَّاصُ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ فِي مَالِهِ.
(وَيَجِبُ خِتَانُ الْمَرْأَةِ بِجُزْءٍ) أَيْ قَطْعُهُ (مِنْ اللَّحْمَةِ) الْكَائِنَةِ (بِأَعْلَى الْفَرْجِ) وَهِيَ فَوْقَ ثُقْبَةِ الْبَوْلِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ، فَإِذَا قُطِعَتْ بَقِيَ أَصْلُهَا كَالنَّوَاةِ، وَيَكْفِي قَطْعُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ. قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَتَقْلِيلُهُ أَفْضَلُ، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِلْخَتَّانَةِ: أَشِمِّي وَلَا تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ» : أَيْ أَكْثَرُ لِمَاءِ وَجْهِهَا وَدَمِهِ وَأَحَبُّ لِلْبَعْلِ: أَيْ أَحْسَنُ فِي جِمَاعِهَا (وَ) خِتَانُ (الرَّجُلِ) (بِقَطْعِ مَا) أَيْ جِلْدَةٍ (تُغَطِّي حَشَفَتَهُ) حَتَّى تَظْهَرَ كُلُّهَا، فَلَا يَكْفِي قَطْعُ بَعْضِهَا، وَيُقَالُ لِتِلْكَ الْجِلْدَةِ الْقُلْفَةُ، وَقَوْلُهُ (بَعْدَ الْبُلُوغِ) ظَرْفٌ لِيَجِبَ وَيَكُونُ بَعْدَ الْعَقْلِ أَيْضًا وَاحْتِمَالِ الْخِتَانِ. أَمَّا وُجُوبُهُ، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] وَكَانَ مِنْ مِلَّتِهِ الْخِتَانُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ اخْتَتَنَ وَعُمْرُهُ ثَمَانُونَ سَنَةً» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ " مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً " وَقِيلَ سَبْعُونَ سَنَةً، وَلِأَنَّهُ قَطْعُ جُزْءٍ مِنْ الْبَدَنِ لَا يُخَلِّفُ تَعَبُّدًا فَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا كَقَطْعِ يَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute