للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

قِيلَ: يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ ذِمِّيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ لَمْ يَزِدْ فِي الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ ثَمَّ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ، بَلْ الْغَرَضُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ وَيَكْفِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ابْتِدَاءً، وَعَلَيْكُمْ سَلَامٌ جَوَابًا، وَلَكِنَّ التَّعْرِيفَ فِيهِمَا أَفْضَلُ، وَزِيَادَةُ: " وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ " عَلَى السَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا أُكْمِلُ مِنْ تَرْكِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَكْفِي وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَإِنْ أَتَى الْمُسَلِّمُ بِلَفْظِ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ. قَالَ: ابْنُ شُهْبَةَ: وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} [النساء: ٨٦] الْآيَةَ، وَلَوْ سَلَّمَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ تَلَاقِيًا عَلَى الْآخِرِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا الرَّدُّ عَلَى الْآخَرِ وَلَا يُحَصِّلُ الْجَوَابُ بِالسَّلَامِ، أَوْ مُرَتَّبًا كَفَى الثَّانِي سَلَامُهُ رَدًّا إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءُ فَلَا يَكْفِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِصَرْفِهِ عَنْ الْجَوَابِ.

فُرُوعٌ: يُنْدَبُ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْوَاقِفِ، وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ عَلَى الْجَمْعِ الْكَثِيرِ فِي حَالِ التَّلَاقِي فِي طَرِيقٍ، فَإِنْ عَكَسَ لَمْ يُكْرَهْ، أَمَّا إذَا وَرَدَ مَنْ ذُكِرَ عَلَى قَاعِدٍ أَوْ وَاقِفٍ أَوْ مُضْطَجِعٍ فَإِنَّ الْوَارِدَ يُبْدَأُ، سَوَاءٌ أَكَانَ صَغِيرًا أَمْ لَا، قَلِيلًا أَمْ لَا، وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ مِنْ الْجَمْعِ بِالسَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا.

وَلَوْ سَلَّمَ بِالْعَجَمِيَّةِ جَازَ إنْ أَفْهَمَ الْمُخَاطَبُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ، وَيَجِبُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا. وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ الشَّخْصُ ذِمِّيًّا لِلنَّهْيِ عَنْهُ، فَإِنْ بَانَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ ذِمِّيًّا فَلْيَقُلْ لَهُ نَدْبًا: اسْتَرْجَعْتُ سَلَامِي كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، أَوْ رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي كَمَا فِي الْأَذْكَارِ تَحْقِيرًا لَهُ، وَيَسْتَثْنِيه بِقَلْبِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمِينَ، وَلَا يَبْدَأُ بِتَحِيَّةٍ غَيْرِ السَّلَامِ أَيْضًا كَأَنْعَمَ اللَّهُ صَبَاحَكَ، أَوْ صُبِّحْت بِالْخَيْرِ إلَّا لِعُذْرٍ، وَإِنْ كَتَبَ إلَى كَافِرٍ كَتَبَ نَدْبًا السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى.

وَلَوْ قَامَ عَنْ مَجْلِسٍ فَسَلَّمَ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَمَنْ دَخَلَ دَارًا نُدِبَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ دَخَلَ مَوْضِعًا خَالِيًا عَنْ النَّاسِ نُدِبَ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُسَمِّيَ قَبْلَ دُخُولِهِ، وَيَدْعُوَ بِمَا أَحَبَّ ثُمَّ يُسَلِّمَ بَعْدَ دُخُولِهِ، وَأَنْ يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ، وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي سُوقٍ وَجَمْعٍ لَا يَنْتَشِرُ فِيهِمْ ٨٨٣ السَّلَامُ الْوَاحِدُ سَلَّمَ عَلَى مَنْ يَلِيه أَوَّلَ مُلَاقَاتَهُ، فَإِنْ جَلَسَ إلَى مَنْ سَمِعَهُ سَقَطَ عَنْهُ سُنَّةُ السَّلَامِ، أَوْ إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ سَلَّمَ ثَانِيًا،.

وَلَا يَتْرُكُ السَّلَامَ لِخَوْفِ عَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ لِتَكَبُّرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالتَّحِيَّةُ مِنْ الْمَارِّ عَلَى مَنْ خَرَجَ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ بِنَحْوِ صَبَّحَكَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ أَوْ السَّعَادَةِ، أَوْ طَابَ حَمَّامُكَ، أَوْ قَوَّاك اللَّهُ لَا أَصْلَ لَهَا إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا شَيْءٌ وَلَا جَوَابَ لِقَائِلِهَا، فَإِنْ أَجَابَ بِالدُّعَاءِ فَحَسَنٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ تَأْدِيبَهُ لِتَرْكِهِ السَّلَامَ فَتَرْكُ الدُّعَاءِ لَهُ أَحْسَنُ. وَأَمَّا التَّحِيَّةُ بِالطَّلْبَقَةِ وَهِيَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ فَقِيلَ بِكَرَاهَتِهَا.

وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ: كَمَا قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ الْعِلْمِ، أَوْ مِنْ وُلَاةِ الْعَدْلِ فَالدُّعَاءُ لَهُ بِذَلِكَ قُرْبَةٌ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ، وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ، وَلَا يُغْتَرُّ بِكَثْرَةِ مَنْ يَفْعَلُهُ.

وَتَقْبِيلُ الْيَدِ لِزُهْدٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَكِبَرِ سِنٍّ وَشَرَفٍ وَصِيَانَةٍ مُسْتَحَبٌّ، وَتَقْبِيلُهَا لِدُنْيَا أَوْ ثَرْوَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَشَوْكَةٍ وَوَجَاهَةٍ مَكْرُوهٌ شَدِيدُ الْكَرَاهَةِ، وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ لَا يُشْتَهَى وَلَوْ لِغَيْرِهِ، وَتَقْبِيلُ كُلٍّ مِنْ أَطْرَافِهِ شَفَقَةً وَرَحْمَةً سُنَّةٌ.

وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ لِلتَّبَرُّكِ، وَيُنْدَبُ الْقِيَامُ لِلدَّاخِلِ إنْ كَانَ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ، أَوْ شَرَفٍ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>