للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا عَتِيقَ مُسْلِمٍ

وَزَوْجَتُهُ الْحَرْبِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِذَا سُبِيَ زَوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ إنْ كَانَا حُرَّيْنِ قِيلَ أَوْ رَقِيقَيْنِ.

وَإِذَا أُرِقَّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَسْقُطْ

ــ

[مغني المحتاج]

لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ الْوَلَاءِ.

(لَا عَتِيقَ مُسْلِمٍ) الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَسْتَرِقُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا حَالَ الْعِتْقِ أَمْ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ أَسْرِ الْعَتِيقِ. قَالَ: الْبُلْقِينِيُّ: وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا الْفَرْعِ: أَيْ وَهُوَ مَا إذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْأَسْرِ، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اسْتِرْقَاقَهُ، إذْ يَصْدُقُ أَنَّهُ لَيْسَ عِتْقَ مُسْلِمٍ.

(وَ) لَا (زَوْجَتُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ (الْحَرْبِيَّةُ) فَلَا تَسْتَرِقُّ إذَا سُبِيَتْ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ الْجَوَازَ فَإِنَّهُمَا سَوِيًّا فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَةِ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ الْأَصْلِيَّ أَقْوَى مِنْ الْإِسْلَامِ الطَّارِئِ. قَالَ: ابْنُ كَجٍّ: وَلَوْ تَزَوَّجَ بِذِمِّيَّةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ الْتَحَقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا تَسْتَرِقُّ قَوْلًا وَاحِدًا (وَإِذَا سُبِيَ زَوْجَانِ) مَعًا (أَوْ أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) بَيْنَهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ (إنْ كَانَا حُرَّيْنِ) لَمَّا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُمْ لَمَّا امْتَنَعُوا يَوْمَ أَوْطَاسٍ مِنْ وَطْءِ السَّبَايَا؛ لِأَنَّ لَهُنَّ أَزَوْجًا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٤] أَيْ الْمُتَزَوِّجَاتُ {إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] فَحَرَّمَ الْمُتَزَوِّجَاتِ إلَّا الْمَمْلُوكَاتِ بِالسَّبْيِ، فَدَلَّ عَلَى ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ، وَإِلَّا لَمَا حَلَلْنَ، وَلِعُمُومِ خَبَرِ «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ» إذَا لَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ الْمَنْكُوحَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ إذَا حَدَثَ زَالَ مِلْكُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَلَأَنْ تَزُولَ الْعِصْمَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ أَوْلَى.

تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: مَحِلُّ الِانْفِسَاخِ فِي سَبْيِ الزَّوْجِ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَامِلًا، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ، فَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ أَوْ الْمَنَّ عَلَيْهِ اسْتَمَرَّتْ الزَّوْجِيَّةُ، وَمَحِلُّهُ فِي سَبْيِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ كَافِرًا، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ هَلْ تُسْبَى أَوْ لَا؟ ثَانِيهمَا: التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِمَا حُرَّيْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ الِانْفِسَاخِ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخِرُ رَقِيقًا، وَلَيْسَ مُرَادًا، فَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَهُوَ رَقِيقٌ وَسُبِيَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَهُ انْفَسَخَ أَيْضًا، وَالْحُكْمُ فِي عَكْسِهِ كَذَلِكَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ مُكَلَّفًا وَأَرَقَّهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي انْفِسَاخِ النِّكَاحِ زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَزَوْجَتُهُ كَذَلِكَ (قِيلَ: أَوْ رَقِيقَيْنِ) فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا لِحُدُوثِ السَّبْيِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ إذْ لَمْ يَحْدُثْ رِقٌّ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ مِنْ مَالِكٍ إلَى آخَرَ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَالْخِلَافُ جَارٍ سَوَاءٌ أَسْلَمَا أَمْ لَا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا فَاسْتَرَقَّ أَوْ دَارِهِ فَغَنِمَتْ كَانَ لَهُ اسْتِيفَاءُ مُدَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَمْوَالِ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا تَامًّا مَضْمُونَةً بِالْيَدِ كَأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ، وَكَمَا لَا تُغْنَمُ الْعَيْنُ الْمَمْلُوكَةُ لِلْمُسْلِمِ لَا تُغْنَمُ الْمَنَافِعُ الْمَمْلُوكَةُ لَهُ، بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهَا تُسْتَبَاحُ وَلَا تُمْلَكُ مِلْكًا تَامًّا، وَلِهَذَا لَا تُضْمَنُ بِالْيَدِ.

(وَإِذَا أُرِقَّ) حَرْبِيٌّ (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) لِغَيْرِ حَرْبِيٍّ (لَمْ يَسْقُطْ) ؛ لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ قَدْ حَصَلَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي إسْقَاطَهُ. أَمَّا إذَا كَانَ لِحَرْبِيٍّ فَيَسْقُطُ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ، وَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>