للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ، وَأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا

ــ

[مغني المحتاج]

عَوْرَاتِنَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَرْضَى الْجَارُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ لِحَقِّ الدِّينِ لَا لِمَحْضِ حَقِّ الْجَارِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِنَاءُ الْمُسْلِمِ مُعْتَدِلًا أَمْ فِي غَايَةِ الِانْخِفَاضِ. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْمَنْعِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ: إذَا كَانَ بِنَاءُ الْمُسْلِمِ مِمَّا يُعْتَادُ فِي السُّكْنَى، فَلَوْ كَانَ قَصِيرًا لَا يُعْتَادُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بِنَاؤُهُ أَوْ أَنَّهُ هَدَمَهُ إلَى أَنْ صَارَ كَذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ الذِّمِّيُّ مِنْ بِنَاءِ جِدَارِهِ عَلَى أَقَلِّ مَا يُعْتَادُ فِي السُّكْنَى، لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ حَقُّهَا الَّذِي عَطَّلَهُ الْمُسْلِمُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ تُعَطَّلُ عَلَيْهِ بِإِعْسَارِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَارِ كَمَا قَالَ الْجُرْجَانِيِّ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ دُونَ جَمِيعِ الْبَلَدِ (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ) أَيْضًا بَيْنَ بِنَاءِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} [آل عمران: ١١٢] فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَارُهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَمْيِيزُهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسَاكِنِ وَالْمُلَابِسِ وَالْمَرَاكِبِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عُلُوِّ الْإِسْلَامِ، وَلَا عُلُوَّ مَعَ الْمُسَاوَاةِ. تَنْبِيهٌ: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ رَفْعُ تَصْوِيرٍ الْمَنْعُ بِالْإِحْدَاثِ، فَلَوْ مَلَكَ الذِّمِّيُّ دَارًا مُسَاوِيَةً أَوْ عَالِيَةً لَمْ يُكَلَّفْ هَدْمَهَا، وَكَذَا مَا بَنَوْهُ قَبْلَ أَنْ تُمْلَكَ بِلَادُهُمْ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ، لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ طُلُوعِ سَطْحِهِ إلَّا بَعْدَ تَحْجِيرِهِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ مَأْمُونٌ، وَيُمْنَعُ صِبْيَانُهُمْ مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ صِبْيَانِنَا، حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ امْتَنَعَ الْعُلُوُّ وَالْمُسَاوَاةُ، وَلَوْ رَفَعَ بِنَاءَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَأَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَرْفَعَ بِنَاءَهُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَخَّرْ هَدْمُ بِنَائِهِ بِذَلِكَ، فَلَوْ تَأَخَّرَ نَقَضَهُ حَتَّى رَفَعَ الْمُسْلِمُ بِنَاءَهُ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ النَّقْضِ بِذَلِكَ، وَلَوْ رَفَعَهُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِنَقْضِهِ فَبَاعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّ النَّقْضِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى حَوَاشِي كِفَايَتِهِ: يَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْمُسْتَعِيرُ مَا بَنَاهُ عَلَى الْأَرْضِ الْمُسْتَعَارَةِ بَعْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ.

وَكَذَا بَيْعُ الْبِنَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ لَمْ يُجَوِّزُوهُ انْبَنَى عَلَى مَنْ اشْتَرَى فَصِيلًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، ثُمَّ اشْتَرَى الْأَرْضَ هَلْ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ؟ وَجْهَانِ. اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ النَّقْضُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِنَقْضِهِ إذَا بَاعَهُ لِمُسْلِمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِذَلِكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَحَكَمْتُ أَيَّامَ قَضَائِي عَلَى يَهُودِيٍّ بِهَدْمِ مَا بَنَاهُ، وَبِالتَّنْقِيصِ عَنْ الْمُسَاوَاةِ لِجَارِهِ فَأَسْلَمَ فَأَقْرَرْته عَلَى بِنَائِهِ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ، وَظَنِّي أَنِّي كُنْتُ قُلْتُ لَهُ إنْ أَسْلَمْتَ لَمْ أَهْدِمْهُ اهـ.

بَلْ الْوَجْهُ عَدَمُ الْهَدْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: ١٢] الْآيَةَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ دَارًا عَالِيَةً لَمْ يُمْنَعْ مِنْ سُكْنَاهَا بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ فِي الْمُرْشِدِ، وَهَلْ يَجْرِي مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ مَلَكَ دَارًا لَهَا رَوْشَنٌ حَيْثُ قُلْنَا لَا يُشْرَعُ لَهُ رَوْشَنٌ: أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ، أَوْ لَا يَجْرِي؛ لِأَنَّ التَّعْلِيَةَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ وَالرَّوْشَنُ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَقَدْ زَالَ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: " الْمُسْلِمُ "، رَفْعُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمْ فَفِي مَنْعِ عُلُوِّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ: وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ الْجَوَازُ (وَ) الْأَصَحُّ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ (أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>