وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يَظُنُّ تَأَدُّبَ الْجَارِحَة، وَلَوْ ظَهَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ.
فَيُشْتَرَطُ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ، وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ، وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجِسٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
(وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْأَظْهَرِ) قِيَاسًا عَلَى جَارِحَةِ السِّبَاعِ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الضَّرْبَ لِتَتَعَلَّمَ تَرْكَ الْأَكْلِ، بِخِلَافِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ.
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا انْزِجَارُهَا بِالزَّجْرِ وَلَا إمْسَاكُهَا الصَّيْدَ لِصَاحِبِهَا، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِي، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأُولَى، وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَام أَنَّهُ لَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهَا بَعْدَ طَيَرَانِهَا، لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِيهَا أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ فِي الْبَسِيطِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَقَالَةَ الْإِمَامِ بِلَفْظِ قِيلَ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَسُلَيْمٍ الرَّازِيِّ وَنَصْرٍ الْمَقْدِسِيِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي مَنْهَجِهِ (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي التَّعْلِيمِ (بِحَيْثُ يَظُنُّ تَأَدُّبَ الْجَارِحَةِ) وَلَا يَنْضَبِطُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ، بَلْ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقِيلَ مَرَّتَيْنِ (وَلَوْ ظَهَرَ) بِمَا ذُكِرَ مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُهُ مُعَلَّمًا ثُمَّ أَكَلَ) مَرَّةً كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَارِّ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ شَرْطٌ فِي التَّعَلُّمِ ابْتِدَاءً، فَكَذَا دَوَامًا، وَالثَّانِي يَحِلُّ أَكْلُهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ»
وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ فِي رِجَالِهِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ، وَإِنْ صَحَّ حَمْلٌ عَلَى مَا إذَا أَطْعَمَهُ صَاحِبُهُ مِنْهُ أَوْ أَكَلَ مِنْهُ بَعْدَ مَا قَتَلَهُ وَانْصَرَفَ عَنْهُ.
تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الْأَكْلِ مَرَّةً كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، فَلَوْ تَكَرَّرَ الْأَكْلُ مِنْهُ حَرُمَ الْآخَرُ جَزْمًا، وَمَا أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: ذَلِكَ الصَّيْدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَا اصْطَادَهُ قَبْلَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ بِالْأَكْلِ عَنْ التَّعْلِيمِ إذَا أَكَلَ مِمَّا أَرْسَلَ عَلَيْهِ، فَإِنْ اسْتَرْسَلَ الْمُعَلَّمُ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ وَأَكَلَ لَمْ يُقْدَحْ فِي كَوْنِهِ مُعَلَّمًا قَطْعًا، وَقَوْلُهُ: مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ قَدْ يُخْرِجُ غَيْرَهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَلْحَقُ بِهِ نَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ مِنْ جِلْدِهِ وَعَظْمِهِ وَحَشْوَتِهِ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَهُوَ عَدَمُ الْحِلِّ قَوْلَهُ (فَيُشْتَرَطُ) فِي هَذِهِ الْجَارِحَةِ (تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لِفَسَادِ التَّعْلِيمِ الْأَوَّلِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ انْعِطَافِ التَّحْرِيمِ عَلَى مَا صَادَهُ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ.
وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْفَسَادَ مِنْ حِينَ الْأَكْلِ، وَلَمْ يَقُلْ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ التَّعْلِيمِ (وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلصَّائِدِ، فَصَارَ كَتَنَاوُلِهِ الْفَرْثَ، وَلِأَنَّ الْمَنْعَ مَنُوطٌ فِي الْحَدِيثِ بِالْأَكْلِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجِسٌ) كَغَيْرِهِ مِمَّا يُنَجِّسُهُ الْكَلْبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute