للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَبْقَى حَتَّى تَغْرُبَ آخِرَ التَّشْرِيقِ. قُلْتُ: ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ، وَالشَّرْطُ طُلُوعُهَا ثُمَّ مُضِيُّ قَدْرِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَنْ نَذَرَ مُعَيَّنَةً فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَنْ الدَّارِمِيِّ، وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْحَجَّ يُجْزِئُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، فَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ خَفِيفَتَيْنِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْخِفَّةِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ خَاصَّةً، وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَيْضًا كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ فَلَوْ قَالَ خَفِيفَاتٍ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا، وَوَقَعَ فِي مَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ مُعْتَدِلَيْنِ بَدَلَ خَفِيفَتَيْنِ، وَاسْتُغْرِبَ (وَيَبْقَى) وَقْتُ التَّضْحِيَةِ (حَتَّى تَغْرُبَ) الشَّمْسُ (آخِرَ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ الْعَاشِرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ كُلُّهَا مَنْحَرٌ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» ، وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: يَوْمَانِ بَعْدَهُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا حُسِبَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ، وَيُكْرَهُ الذَّبْحُ وَالتَّضْحِيَةُ لَيْلًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ، قِيلَ الْمَعْنَى فِيهِ خَوْفُ الْخَطَأِ فِي الْمَذْبَحِ، وَقِيلَ: إنَّ الْفُقَرَاءَ لَا يَحْضُرُونَ لِلْأُضْحِيَّةِ بِاللَّيْلِ حُضُورَهُمْ بِالنَّهَارِ (قُلْتُ: ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ) فِي وَقْتِ التَّضْحِيَةِ (وَالشَّرْطُ طُلُوعُهَا، ثُمَّ مُضِيُّ قَدْرِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِمَنْ قَالَ يَدْخُلُ بِالطُّلُوعِ. قَالَ هُنَا: يُعْتَبَرُ قَدْرُ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ عَقِبَهُ، وَمَنْ قَالَ بِالِارْتِفَاعِ يَعْتَبِرُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْمُحَرَّرُ جَزَمَ هُنَاكَ بِالطُّلُوعِ وَهُنَا بِالِارْتِفَاعِ، فَلِهَذَا اسْتَدْرَكَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ، وَنَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّ ارْتِفَاعَ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ، وَقَالَ: تَعْجِيلُ النَّحْرِ مَطْلُوبٌ فَلَا يُؤَخَّرُ.

(وَمَنْ نَذَرَ) أُضْحِيَّةً (مُعَيَّنَةً فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ) الْبَقَرَةِ مَثَلًا، أَوْ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً، أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ، أَوْ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ تَعَالَى زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا وَ (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ) السَّابِقِ بَيَانُهُ، وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتٍ يَلْقَاهُ بَعْدَ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا بِهَذَا اللَّفْظِ أُضْحِيَّةً فَتَعَيَّنَ ذَبْحُهَا وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِلْعَامِ الْقَابِلِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالُوا: لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَا يَنْتَقِلُ بَلْ يَنْفَكُّ عَنْ الْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهَا فَإِنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ فِيهَا إلَى الْمَسَاكِينِ، وَلِهَذَا لَوْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ أَتْلَفَ الْعَبْدَ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ فَلَا يُضْمَنُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، فَإِنَّ مُسْتَحِقِّيهَا بَاقُونَ.

تَنْبِيهٌ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " فَقَالَ " إلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى جَعْلَ هَذِهِ الشَّاةِ أَوْ الْبَدَنَةِ أُضْحِيَّةً وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِذَلِكَ لَمْ تَصِرْ أُضْحِيَّةً، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةَ كَنُطْقِ النَّاطِقِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>