وَسِنُّهَا وَسَلَامَتُهَا، وَالْأَكْلُ وَالتَّصَدُّقُ كَالْأُضْحِيَّةِ،
ــ
[مغني المحتاج]
«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَإِنَّمَا كَانَتْ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ تَشْبِيهًا بِالدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا اسْتِبْقَاءُ النَّفْسِ، وَيَتَأَدَّى أَصْلُ السُّنَّةِ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا» وَكَالشَّاةِ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ، فَلَوْ ذَبَحَ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً عَنْ سَبْعَةِ أَوْلَادٍ، أَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِيهَا جَازَ، سَوَاءٌ أَرَادُوا كُلُّهُمْ الْعَقِيقَةَ أَوْ بَعْضُهُمْ الْعَقِيقَةَ وَبَعْضُهُمْ اللَّحْمَ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَالْأُنْثَى الْخُنْثَى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَتَتَعَدَّدُ الْعَقِيقَةُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ عَقَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَقَدْ قُلْتُمْ إنَّهَا إنَّمَا تُسَنُّ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَ أَبَاهُمَا بِذَلِكَ، أَوْ أَعْطَاهُ مَا عَقَّ بِهِ، أَوْ أَنَّهُمَا كَانَا فِي نَفَقَةِ جَدِّهِمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُسْرِ أَبَوَيْهِمَا أَمَّا مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ تَبَرُّعٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِطْلَاقُهُمْ اسْتِحْبَابَ الْعَقِيقَةِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْأُمِّ أَنْ تَعُقَّ عَنْ وَلَدِهَا مِنْ زِنًا، وَفِيهِ بُعْدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَارِ، وَأَنَّهُ لَوْ وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ مُعْسِرٍ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ عَقِّهِ اُسْتُحِبَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ وَلَيْسَ مُرَادًا. .
تَنْبِيهٌ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ عَاجِزًا عَنْ الْعَقِيقَةِ حِينَ الْوِلَادَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ بِهَا قَبْلَ تَمَامِ السَّابِعِ اُسْتُحِبَّتْ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا بَعْدَ السَّابِعِ مَعَ بَقِيَّةِ مُدَّةِ النِّفَاسِ أَيْ أَكْثَرِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا، وَفِيمَا إذَا أَيْسَرَ بِهَا بَعْدَ السَّابِعِ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَنْوَارِ تَرْجِيحُ مُخَاطَبَتِهِ بِهَا، وَلَا يَفُوتُ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُوسِرِ بِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ، فَإِنْ بَلَغَ سُنَّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ تَدَارُكًا لِمَا فَاتَ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَاطِلٌ وَيُسَنُّ أَنْ يُعَقَّ عَمَّنْ مَاتَ قَبْلَ السَّابِعِ أَوْ بَعْدَهُ بَعْدَ أَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الذَّبْحِ.
(وَ) جِنْسُهَا وَ (سِنُّهَا وَسَلَامَتُهَا) مِنْ الْعَيْبِ وَالْأَفْضَلُ مِنْهَا (وَالْأَكْلُ) وَقَدْرُ الْمَأْخُوذِ مِنْهَا وَالِادِّخَارُ (وَالتَّصَدُّقُ) وَالْإِهْدَاءُ مِنْهَا وَتَعْيِينُهَا إذَا عُيِّنَتْ وَامْتِنَاعُ بَيْعِهَا (كَالْأُضْحِيَّةِ) الْمَسْنُونَةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا ذَبِيحَةٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، فَأَشْبَهَتْ الْأُضْحِيَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute