للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُحْلَقَ رَأْسُهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا، وَيُتَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً.

ــ

[مغني المحتاج]

الْحَارِثُ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْك أَسْمَاءُ بَنِي آدَمَ حَتَّى تَسَمَّيْت بِاسْمِ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْك الْأَسْمَاءُ حَتَّى تَسَمَّيْت بِاسْمِ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ اسْمَهُ الْحَارِثُ، وَيَحْرُمُ تَلْقِيبُ الشَّخْصِ بِمَا يَكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ كَالْأَعْوَرِ وَالْأَعْمَشِ، وَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ إلَّا بِهِ، فَالْأَلْقَابُ الْحَسَنَةُ لَا يُنْهَى عَنْهَا، فَقَدْ لُقِّبَ الصِّدِّيقُ بِعَتِيقٍ، وَعُمَرُ بِالْفَارُوقِ، وَحَمْزَةُ بِأَسَدِ اللَّهِ، وَخَالِدٌ بِسَيْفِ اللَّهِ، وَمَا زَالَتْ الْأَلْقَابُ الْحَسَنَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ إلَّا مَا أَحْدَثَهُ النَّاسُ فِي زَمَانِنَا هَذَا مِنْ التَّوَسُّعِ حَتَّى لَقَّبُوا السَّفَلَةَ بِالْأَلْقَابِ الْعَلِيَّةِ. وَهَبْ الْعُذْرَ مَبْسُوطًا، فَمَا أَقُولُ فِي تَلْقِيبِ مَنْ لَيْسَ مِنْ الدِّينِ فِي قَبِيلٍ وَلَا دَبِيرٍ بِفُلَانِ الدِّينِ هِيَ لَعَمْرُ اللَّهِ الْغُصَّةُ الَّتِي لَا تُسَاغُ، وَمَعْنَى اللَّقَبِ اسْمُ مَا يُدْعَى الِاسْمُ بِهِ يُشْعِرُ بِضَعَةِ الْمُسَمَّى أَوْ رِفْعَتِهِ وَالْمَقْصُودُ بِهِ الشُّهْرَةُ، فَمَا كَانَ مَكْرُوهًا نُهِيَ عَنْهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يُكَنَّى أَهْلُ الْفَضْلِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَدٌ وَأَمَّا التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَقَدْ قَدَّمْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي خُطْبَةِ هَذَا الْكِتَابِ.

وَلَا يُكَنَّى كَافِرٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فَاسِقٌ وَلَا مُبْتَدِعٌ، لِأَنَّ الْكُنْيَةَ لِلتَّكْرِمَةِ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا، بَلْ أُمِرْنَا بِالْإِغْلَاظِ عَلَيْهِمْ إلَّا لِخَوْفِ فِتْنَةٍ مِنْ ذِكْرِهِ بِاسْمِهِ أَوْ تَعْرِيفٍ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١] وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَلَا بَأْسَ بِكُنْيَةِ الصَّغِيرِ، وَيُسَنُّ أَنْ يُكَنَّى مَنْ لَهُ أَوْلَادٌ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ، وَيُسَنُّ لِوَلَدِ الشَّخْصِ وَتِلْمِيذِهِ وَغُلَامِهِ أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ، وَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُكَنِّيَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ فِي كِتَابٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ لَا يُعْرَفَ بِغَيْرِهَا أَوْ كَانَتْ أَشْهَرَ مَنْ الِاسْمِ.

(وَ) يُسَنُّ فِي سَابِعِ وِلَادَةِ الْمَوْلُودِ أَنْ (يُحْلَقَ رَأْسُهُ) كُلُّهَا لِمَا مَرَّ، وَيَكُونُ ذَلِكَ (بَعْدَ ذَبْحِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ كَمَا فِي الْحَاجِّ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَوْلُودِ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فِي كَرَاهَتِهِ فِيهَا

تَنْبِيهٌ: لَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِ الْحَلْقِ يَوْمَ السَّابِعِ، وَجَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِكَوْنِهِ فِيهِ، وَلِذَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ كَمَا فَعَلَ فِي التَّسْمِيَةِ، وَلَا يَكْفِي حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَا تَقْصِيرُ الشَّعْرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ، فَفِي اسْتِحْبَابِ إمْرَارِ الْمُوسَى عَلَيْهِ احْتِمَالَانِ (وَ) أَنْ (يُتَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ) أَيْ الشَّعْرِ (ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) وَفِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِضَّةٌ، وَفِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَفِضَّةٌ، فَهِيَ بَيَانٌ لِدَرَجَةِ الْأَفْضَلِيَّةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ فَقَالَ زِنِي شَعْرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ فِضَّةً وَأَعْطِي الْقَابِلَةَ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْفِضَّةِ الذَّهَبُ، وَبِالذَّكَرِ الْأُنْثَى، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الذَّهَبَ أَفْضَلُ مِنْ الْفِضَّةِ وَإِنْ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ هِيَ الْمُتَيَسِّرَةُ إذْ ذَاكَ، فَتَعْبِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ بَيَانٌ لِدَرَجَةِ الْأَفْضَلِيَّةِ

تَنْبِيهٌ: مَنْ لَمْ يَفْعَلْ بِشَعْرِهِ مَا ذُكِرَ يَنْبَغِي لَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ بَعْدَ بُلُوغِهِ إنْ كَانَ شَعْرُ الْوِلَادَةِ بَاقِيًا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ يَوْمَ الْحَلْقِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ احْتَاطَ وَأَخْرَجَ الْأَكْثَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>