كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ حَيَوَانُ الْبَحْرِ السَّمَكُ مِنْهُ حَلَالٌ كَيْفَ مَاتَ،
ــ
[مغني المحتاج]
كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ جَمْعُ طَعَامٍ أَيْ بَيَانُ مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ، إذْ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهَا مِنْ الْمُهِمَّاتِ؛ لِأَنَّ فِي تَنَاوُلِ الْحَرَامِ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ، فَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ «أَيُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» . وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] وقَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤] أَيْ مَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ وَتَشْتَهِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْحَلَالُ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَمَّا يَحِلُّ لَهُمْ، فَكَيْفَ يَقُولُ أُحِلَّ لَكُمْ الْحَلَالُ.
فَائِدَةٌ اسْمُ الطَّيِّبِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: الْحَلَالُ وَمِنْهُ {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: ٥١] ، وَالطَّاهِرُ وَمِنْهُ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] ، وَمَا لَا أَذًى فِيهِ كَقَوْلِهِمْ هَذَا يَوْمٌ طَيِّبٌ، وَمَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ كَقَوْلِهِمْ هَذَا طَعَامٌ طَيِّبٌ (حَيَوَانُ الْبَحْرِ) وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْمَاءِ وَعَيْشُهُ خَارِجَهُ كَعَيْشِ الْمَذْبُوحِ، مِنْهُ مَا لَيْسَ لَهُ رِئَةٌ كَأَنْوَاعِ السَّمَكِ، وَمِنْهُ مَا لَهُ رِئَةٌ كَالضُّفْدَعِ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ
فَائِدَةٌ
رَوَى الْقَزْوِينِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ فِي الْأَرْضِ أَلْفَ أُمَّةٍ سِتُّمِائَةٍ فِي الْبَحْرِ، وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِي الْبَرِّ» وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ " لِلَّهِ تَعَالَى ثَمَانُونَ أَلْفَ عَالَمٍ، أَرْبَعُونَ أَلْفًا فِي الْبَحْرِ، وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا فِي الْبَرِّ " (السَّمَكُ مِنْهُ) أَيْ مَا هُوَ بِصُورَتِهِ الْمَشْهُورَةِ (حَلَالٌ كَيْفَ مَاتَ) حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ كَصَدْمَةِ حَجَرٍ أَوْ ضَرْبَةِ صَيَّادٍ أَوْ انْحِسَارِ مَاءٍ رَاسِبًا كَانَ أَوْ طَافِيًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: ٩٦] أَيْ مَصِيدُهُ وَمَطْعُومُهُ، وَقَالَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ طَعَامُهُ مَا طَفَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَالصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ الْعَنْبَرِ أَنَّهُمْ وَجَدُوهُ بِشَاطِئِ الْبَحْرِ مَيْتًا فَأَكَلُوا مِنْهُ، وَقَدَّمُوا مِنْهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكَلَ مِنْهُ. نَعَمْ إنْ انْتَفَخَ الطَّافِي بِحَيْثُ يُخْشَى مِنْهُ السَّقَمُ يَحْرُمُ لِلضَّرُورَةِ، قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَالشَّاشِيُّ
تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يُوهِمُ تَوَقُّفَ الْحِلِّ عَلَى مَوْتِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَقَدْ مَرَّ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ أَنَّهُ يَحِلُّ بَلْعُ سَمَكَةٍ حَيَّةً، وَأَنَّهُ يَحِلُّ قَلْيُ صِغَارِ السَّمَكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَقَّ جَوْفُهُ وَيُعْفَى عَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute