وَحَيَوَانُ الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْهُ الْأَنْعَامُ وَالْخَيْلُ، وَبَقَرُ وَحْشٍ
ــ
[مغني المحتاج]
مِنْ السُّلَحْفَاةِ وَالْحَيَّةِ وَالنِّسْنَاسِ عَلَى غَيْرِ مَا فِي الْبَحْرِ اهـ.
وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّامِلِ بَعْدَ نَقْلِهِ نُصُوصَ الْحِلِّ قَالَ أَصْحَابُنَا أَوْ بَعْضُهُمْ يَحِلُّ جَمِيعُ مَا فِيهِ إلَّا الضِّفْدَعَ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ اهـ.
وَالنَّهْيُ هُوَ مَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ " لَا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ فَإِنْ نَعِيقَهَا تَسْبِيحٌ " وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إنَّمَا حَرُمَ لِأَنَّهُ كَانَ جَارَ اللَّهِ بِالْمَاءِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْعَرْشُ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ عَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى ذَوَاتُ السُّمُومِ أَيْضًا.
قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَكْلُ الدنيلس فِي مِصْرَ وَالسَّرَطَانِ فِي الشَّامِ اهـ.
أَمَّا السَّرَطَانُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَأَمَّا الدنيلس فَعَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعُلَمَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِ الْبَحْرِ، وَلَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ، وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِتَحْرِيمِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ أَصْلُ السَّرَطَانِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْهُ، وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ لَمْ يَأْتِ عَلَى تَحْرِيمِهِ دَلِيلٌ، وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ يُؤْكَلُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ.
(وَحَيَوَانُ الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْهُ الْأَنْعَامُ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: ١] (وَالْخَيْلُ) وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ كَقَوْمٍ، وَقِيلَ مُفْرَدُهُ خَائِلٌ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» وَفِيهِمَا عَنْ أَسْمَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «نَحْرنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَكَلْنَاهُ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ» وَأَمَّا خَبَرُ خَالِدٍ فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مُنْكَرٌ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد مَنْسُوخٌ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى التَّحْرِيمِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَكْلَ مَعَ أَنَّهُ فِي سِيَاقِ الِامْتِنَانِ مَرْدُودٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلُحُومُ الْحُمُرِ إنَّمَا حُرِّمَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ بِالِاتِّفَاقِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا الصَّحَابَةُ فِي الْآيَةِ تَحْرِيمًا لَا لِلْحُمُرِ وَلَا لِغَيْرِهَا، فَإِنَّهَا لَوْ دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَيْلِ دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ الْحُمُرِ، وَهُمْ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهَا، بَلْ امْتَدَّتْ الْحَالُ إلَى يَوْمِ خَيْبَرَ فَحُرِّمَتْ.
وَأَيْضًا الِاقْتِصَارُ عَلَى رُكُوبِهَا وَالتَّزَيُّنِ بِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا، وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَيْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣] لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَقْصُودِهِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ شَحْمِهِ وَدَمِهِ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ (وَبَقَرُ وَحْشٍ) وَهُوَ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْمَعْزِ الْأَهْلِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute