للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُضْطَرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهُ قَهْرُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ.

وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إنْ حَضَرَ، وَإِلَّا فَبِنَسِيئَةٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

مُضْطَرٍّ) مَعْصُومٍ (مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) أَوْ نَحْوِهِ كَمُعَاهَدٍ، وَلَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ثَانِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ لِلضَّرُورَةِ النَّاجِزَةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَعْصُومِ كَالْحَرْبِيِّ

تَنْبِيهٌ يَجِبُ إطْعَامُ الْبَهِيمَةِ الْمُحْتَرَمَةِ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِغَيْرِ صَاحِبِ الطَّعَامِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَلَوْ كَانَ لِلْإِنْسَانِ كَلْبٌ مُبَاحُ الْمَنْفَعَةِ جَائِعٌ وَشَاةٌ لَزِمَهُ ذَبْحُ الشَّاةِ لِإِطْعَامِ الْكَلْبِ، وَيَحِلُّ أَكْلُهَا لِلْآدَمِيِّ لِأَنَّهَا ذُبِحَتْ لِلْأَكْلِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ مَالِكَ الطَّعَامِ أَوْ وَلِيَّهُ فِي أَخْذِهِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ غَيْرَ مُضْطَرٍّ فِي الْحَالِ مِنْ بَذْلِهِ بِعِوَضٍ لِمُضْطَرٍّ مُحْتَرَمٍ (فَلَهُ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (قَهْرُهُ) عَلَى أَخْذِهِ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ الْمَانِعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (وَإِنْ قَتَلَهُ) وَلَا يَجِبُ قِتَالُهُ كَالصَّائِلِ بَلْ أَوْلَى أَيْ إذَا كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ مُسْلِمًا كَمَا هُوَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلِأَنَّ عَقْلَ الْمَالِكِ أَوْ وَلِيَّهُ وَدِينَهُ يَبْعَثَانِهِ عَلَى الْإِطْعَامِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرُ مَوْكُولًا إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ قِتَالُهُ عَلَى مَا يَدْفَعُ ضَرَرَهُ بِهِ، وَهُوَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ، إلَّا أَنْ يَخْشَى الْهَلَاكَ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِلْمُمْتَنِعِ إنْ قَتَلَهُ، وَلَا تُؤْخَذُ لَهُ دِيَةٌ، وَيُقْتَصُّ لَهُ إنْ قَتَلَهُ الْمُمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ، بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ وَمَاتَ جُوعًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ، إذْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ فِعْلٌ مُهْلِكٌ، لَكِنْ يَأْثَمُ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ قَهْرِ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ قَتَلَهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ إلَّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ غَيْرَ مُسْلِمٍ أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَهْرُهُ وَلَا قَتْلُهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُسَلَّطُ عَلَى مَيْتَةِ الْمُسْلِمِ، فَالْحَيُّ أَوْلَى، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] وَلَا يَخْتَصُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِإِطْعَامٍ، بَلْ لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ لَزِمَهُ أَخْذُ الثَّوْبِ مِنْ مَالِكِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا مِثْلَهُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ.

(وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَالِكَ أَوْ وَلِيَّهُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ (بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إنْ حَضَرَ) ذَلِكَ الْعِوَضُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعِوَضُ (فَبِنَسِيئَةٍ) وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ مَجَّانًا وَلَا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ لَهُ نَسِيئَةً عِنْدَ عَدَمِ حُضُورِ مَالِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِثَمَنٍ حَالٍّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِهِ فِي حَالِ إعْسَارِهِ، وَفَائِدَةُ الْحُلُولِ جَوَازُ الْمُطَالَبَةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَالَ فِي أَخْذِهِ مِنْهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اُبْذُلْهُ بِعِوَضٍ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ بِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ غُبِنَ فِي شِرَائِهِ، أَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ وَقَهْرِهِ لَهُ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الِالْتِزَامِ فَكَانَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنِ مِثْلٍ، فَإِنْ بَذَلَهُ لَهُ هِبَةً لَزِمَهُ قَبُولُهُ، أَوْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فِي مَكَانِهِ وَزَمَانِهِ، أَوْ بِزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا وَمَعَهُ ثَمَنُهُ، أَوْ رَضِيَ بِذِمَّتِهِ لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>