للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ أَطْلَقَا اقْتَضَى الْقَرْعَ، وَيَجُوزُ عِوَضُ الْمُنَاضَلَةِ مِنْ حَيْثُ يَجُوزُ عِوَضُ الْمُسَابَقَةِ وَبِشَرْطِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قَوْسٍ وَسَهْم، فَإِنْ عُيِّنَ لَغَا، وَجَازَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ شُرِطَ مَنْعُ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ بَيَانِ الْبَادِئِ بِالرَّمْيِ.

ــ

[مغني المحتاج]

يُصِيبَ طَرَفَ الْغَرَضِ فَيَخْرِمَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلْيُبَيِّنَا صِفَةَ الْإِصَابَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَإِنَّ مَا ذُكِرَ صِفَةٌ لَهَا لَا لِلرَّمْيِ فَعَجَبٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ الشَّيْخَ عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ كَمَا فِي الْكِتَابِ، فَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْرِيرِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَعَيُّنُ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِالشَّرْطِ، وَلَيْسَ مُرَادًا مُطْلَقًا، بَلْ كُلُّ صِفَةٍ يُغْنِي عَنْهَا مَا بَعْدَهَا، فَالْقَرْعُ يُغْنِي عَنْهُ الْخَزْقُ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْخَزْقُ يُغْنِي عَنْهُ الْخَسْقُ وَمَا بَعْدَهُ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُغَايِرَةِ بَيْنَ الْخَزْقِ وَالْخَسْقِ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ وَالْأَزْهَرِيِّ حَيْثُ جَعَلَا الْخَازِقَ بِالزَّايِ لُغَةً فِي الْخَاسِقِ بِالسِّينِ، فَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ هُوَ عُرْفُ الرُّمَاةِ (فَإِنْ أَطْلَقَا) الْعَقْدَ كَفَى، وَ (اقْتَضَى الْقَرْعَ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ (وَيَجُوزُ عِوَضُ الْمُنَاضَلَةِ مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي (يَجُوزُ) مِنْهَا (عِوَضُ الْمُسَابَقَةِ) فَيُخْرِجُ عِوَضَ الْمُنَاضَلَةِ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ، أَوْ أَحَدُ الْمُتَنَاضِلَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فَيَقُولُ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ ارْمِيَا كَذَا، فَمَنْ أَصَابَ مِنْ كَذَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَيَّ كَذَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا نَرْمِي كَذَا فَإِنْ أَصَبْت أَنْتَ مِنْهَا كَذَا فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَإِنْ أَصَبْتهَا أَنَا فَلَا شَيْءَ لِي عَلَيْك، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَبِشَرْطِهِ) إلَى أَنَّ الْعِوَضَ إذَا شَرَطَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ يَكُونُ رَمْيُهُ كَرَمْيِهِمَا فِي الْقُوَّةِ وَالْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ يَأْخُذُ مَالَهُمَا إنْ غَلَبَهُمَا وَلَا يَغْرَمُ إنْ غُلِبَ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْمُنَاضَلَةِ (تَعْيِينُ قَوْسٍ وَسَهْمٍ) لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرَّامِي بِخِلَافِ الْمَرْكُوبِ فِي الْمُسَابَقَةِ (فَإِنْ عُيِّنَ) شَيْءٌ مِنْهُمَا (لَغَا) ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ (وَجَازَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ) مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ سَوَاءٌ أَحَدَثَ فِيهِ خَلَلٌ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْمَرْكُوبِ كَمَا مَرَّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " بِمِثْلِهِ " عَنْ الِانْتِقَالِ مِنْ نَوْعٍ إلَى نَوْعٍ كَالْقِسِيِّ الْفَارِسِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالرِّضَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ أَرْمَى (فَإِنْ شُرِطَ مَنْعُ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَفْسَدَهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى الرَّامِي، فَإِنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ أَحْوَالٌ خَفِيَّةٌ تُحْوِجُهُ إلَى الْإِبْدَالِ.

تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعٍ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي الْمُنَاضَلَةِ عَلَى الرَّامِي كَمَا مَرَّ، فَإِذَا أَطْلَقَا صَحَّ الْعَقْدُ، ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى نَوْعٍ فَذَاكَ، أَوْ نَوْعٍ مِنْ جَانِبٍ وَآخَرَ مِنْ جَانِبٍ جَازَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ تَنَازَعَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ يَنْفَسِخُ، وَلَا تَتَنَاوَلُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الصُّورَةَ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ الْمَذْكُورَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لَغَا وَمَا بَعْدَهُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي تَعْيِينِ النَّوْعِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ النَّوْعَ، أَمَّا اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَيُشْتَرَطُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ كَسِهَامٍ مَعَ رِمَاحٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ بَيَانِ الْبَادِئِ) مِنْ الْمُتَنَاضِلَيْنِ (بِالرَّمْيِ) لِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا فِيهِ حَذَرًا مِنْ اشْتِبَاهِ الْمُصِيبِ بِالْمُخْطِئِ كَمَا لَوْ رَمَيَا مَعًا، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَاهُ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَالثَّانِي، لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>