للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا انْصَرَفَ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالرَّحِيمِ، وَالْخَالِقِ، وَالرَّازِقِ، وَالرَّبِّ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ غَيْرَهُ، وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ: كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ

ــ

[مغني المحتاج]

فَائِدَةٌ: التَّوْرِيَةُ فِي الْأَيْمَانِ نَافِعَةٌ، وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِنِيَّةِ الْحَالِفِ إلَّا إذَا اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدَّعَاوَى، وَهِيَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْنَثُ بِهَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ الْمُسْتَحِقِّ بِالْإِجْمَاعِ، فَمِنْ التَّوْرِيَةِ أَنْ يَنْوِيَ بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ، وَبِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ، وَبِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ، وَبِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ، وَبِالْآخِرَةِ آخِرَةَ الْإِسْلَامِ، وَمَا ذَكَرْتُ فُلَانًا: أَيْ مَا قَطَعْتُ ذَكَرَهُ، وَمَا عَرَفْتُهُ مَا جَعَلْتُ عَرِيفًا، وَمَا سَأَلْتُهُ حَاجَةً: أَيْ شَجَرَةً صَغِيرَةً وَمَا أَكَلْت لَهُ دَجَاجَةً: أَيْ كُبَّةً مِنْ غَزْلٍ، وَلَا فَرُّوجَةً أَيْ دُرَّاعَةً، وَلَا فِي بَيْتِي فُرُشٌ: أَيْ صِغَارُ الْإِبِلِ، وَلَا حَصِيرٌ: أَيْ الْمِلْكُ، وَمَا لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ: أَيْ سَفِينَةٌ، وَمَا عِنْدِي كَلْبٌ: أَيْ مِسْمَارٌ فِي قَائِمِ السَّيْفِ، وَكُلُّ هَذَا يَجْمَعُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً مِنْ الْكَذِبِ» وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فِي الْمَعَارِيضِ مَا يُغْنِي الْمُسْلِمَ عَنْ الْكَذِبِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: مَا أُحِبُّ بِمَعَارِيضِ الْكَلَامِ حُمُرَ الْوَحْشِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا سِرًّا مِنْ أَهْلِهِ، فَوَطِئَهَا لَيْلَةً، وَأَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَكَرِهَ أَنْ يَعْلَمَ أَهْلُهُ. فَقَالَ: إنَّ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - كَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِثْلِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَلَمْ يَبْقَ فِي مَنْزِلِهِ أَحَدٌ إلَّا اغْتَسَلَ، وَاغْتَسَلَ هُوَ مَعَهُمْ، وَكَانَتْ مَرْيَمُ تَغْتَسِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ،.

وَكَانَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَدْ خَطَّ فِي بَيْتِهِ مَسْجِدًا، فَإِذَا جَاءَ مَنْ لَا يُرِيدُ دُخُولَهُ عَلَيْهِ قَالَ لِلْجَارِيَةِ قَوْلِي: هُوَ فِي الْمَسْجِدِ،.

وَحَضَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَجْلِسَ الْمَهْدِيِّ فَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ، ثُمَّ نَهَضَ وَتَرَكَ نَعْلَهُ كَالنَّاسِي لَهُ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ سَاعَتِهِ فَأَخَذَهُ، وَخَرَجَ فَلَمْ يَرَهُ بَعْدَهَا.

(وَمَا انْصَرَفَ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى (عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) وَيُصْرَفُ إلَى غَيْرِهِ مُقَيَّدًا (كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ) وَالْجَبَّارِ وَالْمُتَكَبِّرِ وَالْقَاهِرِ وَالْقَادِرِ وَالْحَقِّ (وَالرَّبِّ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ) سَوَاءٌ أَقَصَدَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ تَعَالَى.

فَائِدَةٌ: الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ وَنَحْوِهَا لَيْسَتْ لِلْعُمُومِ وَلَا لِلْعَهْدِ بَلْ لِلْكَمَالِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: تَكُونُ لَامُ التَّعْرِيفِ لِلْكَمَالِ تَقُولُ: زَيْدٌ الرَّجُلُ تُرِيدُ الْكَامِلَ، فِي الرُّجُولِيَّةِ، وَكَذَا هِيَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا قُلْت الرَّحْمَنُ: أَيْ الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الرَّحْمَةِ، وَالْعَلِيمُ: أَيْ الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ، وَكَذَا تَتِمَّةُ الْأَسْمَاءِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) الْحَالِفُ (غَيْرَهُ) تَعَالَى فَيُقْبَلُ، وَلَا يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مُقَيَّدًا: كَرَحِيمِ الْقَلْبِ، وَخَالِقِ الْكَذِبِ وَرَازِقِ الْجَيْشِ. قَالَ تَعَالَى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: ١٧] وَقَالَ: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: ٨] وَرَبِّ الْإِبِلِ (وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ) تَعَالَى (وَفِي غَيْرِهِ) اسْتِعْمَالُهُ (سَوَاءٌ كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ) وَكَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>