للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ، وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ: كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ لَمْ يَحْنَثْ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ

ــ

[مغني المحتاج]

دَخَلَهَا لِيَنْظُرَ إلَيْهَا هَلْ يَسْكُنُهَا أَوْ لَا، فَحَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا وَخَرَجَ فِي الْحَالِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا، وَالْمُرَادُ بِالسُّكُونِ الْحُلُولُ، لَا ضِدُّ الْحَرَكَةِ (فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ) وَإِنْ قَلَّ كَمَا لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ مَثَلًا.

وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ: " مَكَثَ سَاعَةً " لَمْ يُرِدْ بِهِ السَّاعَةَ الزَّمَانِيَّةَ، بَلْ مَتَى مَكَثَ حَنِثَ (وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ) لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ سُكْنَاهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ، إذْ السُّكْنَى تُطْلَقُ عَلَى الدَّوَامِ كَالِابْتِدَاءِ، يُقَالُ: سَكَنَ شَهْرًا، وَتُسْتَعْمَلُ مَعَ الْمَتَاعِ وَدُونَهُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: بِلَا عُذْرٍ مَا لَوْ مَكَثَ لِعُذْرٍ كَأَنْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ، أَوْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ، أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ لَوْ خَرَجَ، أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخُرُوجِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَوْ ضَاقَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَفَاتَتْ لَمْ يَحْنَثْ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ جَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَوَجَدَهَا حَائِضًا اهـ.

وَلَوْ حَدَثَ عَجْزُهُ عَلَى الْخُرُوجِ بَعْدَ حَلِفِهِ فَكَالْمُكْرَهِ (وَإِنْ اشْتَغَلَ) بَعْدَ الْحَلِفِ (بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَجَمْعِ مَتَاعٍ، وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ، وَلُبْسِ ثَوْبٍ لَمْ يَحْنَثْ) بِمُكْثِهِ لِذَلِكَ سَوَاءٌ أَقَدَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا وَإِنْ طَالَ مُقَامُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِنْ وَقَفَ فِيهَا لِغَلْقِ أَبْوَابِهِ وَإِحْرَازِ مَالِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْ يَسْتَنِيبُهُ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُرَاعَى فِي لُبْثِهِ لِثِقَلِ الْمَتَاعِ وَالْأَهْلِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ مِنْ غَيْرِ إرْهَاقٍ وَلَا اسْتِعْجَالٍ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى مَبِيتِ لَيْلَةٍ لِحِفْظِ مَتَاعٍ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى أَصَحِّ احْتِمَالَيْ ابْنِ كَجٍّ.

تَنْبِيهٌ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ لُبْسَ الثَّوْبِ، وَقَيَّدَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ بِثَوْبِ الْخُرُوجِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِلُبْسِ ثِيَابٍ تَزِيدُ عَلَى حَاجَةِ التَّجَمُّلِ الَّتِي تُلْبَسُ لِلْخُرُوجِ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ عَادَ إلَيْهَا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا حَالًا لِنَقْلِ مَتَاعٍ لَمْ يَحْنَثْ. قَالَ الشَّاشِيُّ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ، وَهَذَا يُوَافِقُ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ عَادَ لِزِيَارَةِ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يَمْكُثْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيِّ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا قَالُوا: فِيمَا لَوْ عَادَ الْمَرِيضُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فَإِنَّهُ إنْ قَعَدَ عِنْدَهُ حَنِثَ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَهُ مَارًّا فِي خُرُوجِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا خَرَجَ ثُمَّ عَادَ: أَيْ فَلَا يُعَدُّ سَاكِنًا؛ لِأَنَّ اسْمَ السُّكْنَى زَالَ عَنْهُ وَثَمَّ لَمْ يَخْرُجْ: أَيْ فَاسْمُ السُّكْنَى بَاقٍ عَلَيْهِ، وَلَهُ وَجْهٌ، وَلَكِنَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ حَلَفَ خَارِجَهَا ثُمَّ دَخَلَ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يَمْكُثْ، فَإِنْ مَكَثَ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ بِجَمْعِ مَتَاعٍ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ حَلِفِهِ فَوْرًا ثُمَّ اجْتَازَهَا كَأَنْ دَخَلَ مِنْ بَابٍ وَخَرَجَ مِنْ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهَا بِلَا غَرَضٍ حَنِثَ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ أَرَادَ بِلَا أَسْكُنُهَا لَا أَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِهِ مَسْكَنًا.

(وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ) أَيْ زَيْدًا مَثَلًا (فِي هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>