وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا مِنْ ذَا الْبَابِ فَنُزِعَ وَنُصِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالثَّانِي، وَيَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ.
أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا حَنِثَ بِكُلِّ بَيْتٍ مِنْ طِينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ أَوْ خَيْمَةٍ وَلَا يَحْنَثُ بِمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
صَاحِبُ الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ شَعْرَ فُلَانٍ فَحَلَقَهُ فَنَبَتَ شَعْرٌ آخَرُ فَمَسَّهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ هَذَا أَصْلُ الشَّعْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ هُوَ غَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ يَصِحُّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِلْكُهُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ دَامَ، وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُهَا وَالْخَبَرُ أَوْ الِاسْمُ مَحْذُوفٌ.
(وَلَوْ) (حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا) أَيْ الدَّارَ (مِنْ ذَا الْبَابِ فَنُزِعَ) مِنْ مَحِلِّهِ (وَنُصِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا) أَيْ الدَّارِ (لَمْ يَحْنَثْ بِالثَّانِي) أَيْ بِالدُّخُولِ مِنْ الْمَنْفَذِ الثَّانِي (وَيَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا حَمْلًا لِلْيَمِينِ عَلَى الْمَنْفَذِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الدُّخُولِ دُونَ الْمَنْصُوصِ الْخَشَبِ وَنَحْوِهِ. وَالثَّانِي عَكْسُهُ حَمْلًا عَلَى الْمَنْصُوبِ. وَالثَّالِثُ: لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَمْلًا عَلَى الْمَنْفَذِ وَالْمَنْصُوبِ مَعًا.
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَنْ يَسُدَّ الْأَوَّلَ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَيَّدَهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ بِمَا إذَا سَدَّ الْأَوَّلَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَمِلَ عَلَيْهِ قَطْعًا وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: مِنْ ذَا الْبَابِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ عَمَّا لَوْ قَالَ: لَا أَدْخُلُهَا مِنْ بَابِهَا، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْبَابِ الثَّانِي فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ بَابِهَا.
فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ عَلَى سَرْجِ هَذِهِ الدَّابَّةِ فَرَكِبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ) أَوْ لَا يَسْكُنُ (بَيْتًا) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (حَنِثَ) بِالدُّخُولِ أَوْ السُّكْنَى (بِكُلِّ بَيْتٍ مِنْ طِينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ) أَوْ قَصَبٍ مُحْكَمٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (أَوْ خَيْمَةٍ) وَنَحْوِهَا؛ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَالِفُ حَضَرِيًّا أَمْ بَدَوِيًّا؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْتِ يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ حَقِيقَةً فِي اللُّغَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ.
تَنْبِيهٌ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخَيْمَةَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا اُتُّخِذَتْ مَسْكَنًا، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ. قَالَ: فَأَمَّا مَا يَتَّخِذُهَا الْمُسَافِرُ وَالْمُجْتَازُ لِدَفْعِ الْأَذَى فَلَا تُسَمَّى بَيْتًا، وَمَحِلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَوَى نَوْعًا مِنْهَا انْصَرَفَ إلَيْهَا، وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إذَا تَلَفَّظَ بِالْبَيْتِ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَلَوْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَارَ خَانَةٍ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَجَمَ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَبْنِيِّ، نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَلَا يَحْنَثُ) عَلَى الْمَذْهَبِ (بِمَسْجِدٍ) وَكَعْبَةٍ (وَ) بَيْتٍ (حَمَّامٍ) وَرَحًى (وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ) لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْتًا عُرْفًا، فَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَسْمِيَةِ الْمَسْجِدِ بَيْتًا، فِي قَوْله تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: ٣٦] وَلَا بِتَسْمِيَةِ الْكَعْبَةِ بَيْتًا، فِي قَوْله تَعَالَى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: ٢٦] كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute