وَيَضَعُ فِيهِمَا يُسْرَاهُ عَلَى طَرَفِ رُكْبَتَيْهِ مَنْشُورَةَ الْأَصَابِعِ بِلَا ضَمٍّ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ الضَّمُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ وَكَذَا الْوُسْطَى فِي الْأَظْهَرِ وَيُرْسِلُ الْمُسَبِّحَةَ وَيَرْفَعُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: إلَّا اللَّهُ وَلَا يُحَرِّكُهَا، وَالْأَظْهَرُ ضَمُّ الْإِبْهَامِ إلَيْهَا كَعَاقِدٍ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْحَرَكَةِ (وَيَضَعُ فِيهِمَا) أَيْ التَّشَهُّدَيْنِ وَمَا مَعَهُمَا (يُسْرَاهُ عَلَى طَرَفِ رُكْبَتَيْهِ) الْيُسْرَى بِحَيْثُ تَسَامَتْ رُءُوسَهَا الرُّكْبَةُ (مَنْشُورَةُ الْأَصَابِعِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِلَا ضَمٍّ) بَلْ يُفْرِجُهَا تَفْرِيجًا وَسَطًا، وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ أُمِرَ فِيهِ بِالتَّفْرِيجِ، (قُلْتُ: الْأَصَحُّ الضَّمُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ تَفْرِيجَهَا يُزِيلُ الْإِبْهَامَ عَنْ الْقِبْلَةِ فَيَضُمَّهَا لِيَتَوَجَّهَ جَمِيعُهَا لِلْقِبْلَةِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَمَنْ يُصَلِّي دَاخِلَ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ مَعَ أَنَّهُ لَوْ فَرَّجَهَا هُوَ مُتَوَجِّهٌ بِهَا لِلْقِبْلَةِ، وَكَذَا يُسَنُّ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ وَجَلَسَ لَهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ اسْتِلْقَاءٍ عِنْدَ جَوَازِ ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا (وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ) بَعْدَ وَضْعِهَا عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى (الْخِنْصِرَ وَالْبِنْصِرَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَثَالِثِهِمَا (وَكَذَا الْوُسْطَى فِي الْأَظْهَرِ) لِلِاتِّبَاعِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَالثَّانِي يُحَلِّقُ بَيْنَ الْوُسْطَى وَالْإِبْهَامِ لِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ.
وَفِي كَيْفِيَّة التَّحْلِيقِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنْ يُحَلِّقَ بَيْنَهُمَا بِرَأْسَيْهِمَا.
وَالثَّانِي: يَضَعُ أُنْمُلَةَ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ (وَيُرْسِلُ الْمُسَبِّحَةَ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا إلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ، وَتُسَمَّى أَيْضًا السَّبَّابَةَ؛ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الْمُخَاصَمَةِ وَالسَّبِّ (وَيَرْفَعُهَا) مَعَ إمَالَتِهَا قَلِيلًا كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ (عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ إمَالَةٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ رَفْعُهَا إلَى الْقِبْلَةِ نَاوِيًا بِذَلِكَ التَّوْحِيدَ وَالْإِخْلَاصَ، وَيُقِيمُهَا وَلَا يَضَعُهَا كَمَا قَالَهُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ.
وَخُصَّتْ الْمُسَبِّحَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهَا اتِّصَالًا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَكَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ. وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ هِيَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمَعْبُودَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاحِدٌ لِيَجْمَعَ فِي تَوْحِيدِهِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالِاعْتِقَادِ، وَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ بِمُسَبِّحَتِهِ الْيُسْرَى وَلَوْ مِنْ مَقْطُوعِ الْيُمْنَى.
قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: بَلْ فِي تَسْمِيَتِهَا مُسَبِّحَةً نَظَرٌ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ آلَةَ التَّنْزِيهِ، وَالرَّفْعُ عِنْدَ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهُ حَالُ إثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: يُشِيرُ بِهَا فِي جَمِيعِ التَّشَهُّدِ (وَلَا يُحَرِّكُهَا) عِنْدَ رَفْعِهَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَفْعَلُهُ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
وَقِيلَ: يُحَرِّكُهَا؛ لِأَنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، قَالَ الشَّارِحُ: وَتَقْدِيمُ الْأَوَّلِ النَّافِي عَلَى الثَّانِي الْمُثْبِتِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ اهـ.
وَلَعَلَّهُ طَلَبَ عَدَمَ الْحَرَكَةِ فِي الصَّلَاةِ، بَلْ قِيلَ: إنَّهُ حَرَامٌ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ وَلَا تُبْطَلُ.
(وَالْأَظْهَرُ ضَمُّ الْإِبْهَامِ إلَيْهَا) أَيْ الْمُسَبِّحَةِ (كَعَاقِدٍ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ) بِأَنْ يَضَعَهَا تَحْتَهَا عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي مُسْلِمٍ