أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ فِي الْغَدِ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ، وَقَبْلَهُ قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ، وَإِنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَكَمُكْرَهٍ.
أَوْ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَلْيَقْضِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ الشَّهْرِ
ــ
[مغني المحتاج]
لَيْسَ حُلِيًّا، وَيَحْنَثُ بِالْخَرَزِ وَالسَّبَجِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْجِيمِ، وَهُوَ الْخَرَزُ الْأَسْوَدُ، وَبِالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ إنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَادُونَ التَّحَلِّيَ بِهَا كَأَهْلِ السُّودَانِ وَأَهْلِ الْبَوَادِي، وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ خَاتَمًا فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ خِنْصَرِهِ مِنْ أَصَابِعِهِ حَنِثَتْ الْمَرْأَةُ دُونَ الرَّجُلِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَقِيلَ: يَحْنَثُ مُطْلَقًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الرَّاجِحُ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ اللُّبْسِ وَصِدْقِ الِاسْمِ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُبْسِهِ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا أَوْ الْوُسْطَى أَوْ السُّفْلَى.
(أَوْ) حَلَفَ (لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ) أَوْ بَعْضُهُ (فِي الْغَدِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ (وَ) إنْ تَلِفَ (قَبْلَهُ) أَيْ التَّمَكُّنِ فَفِي حِنْثِهِ (قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ) أَظْهَرُهُمَا عَدَمُ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ فَوْتَ الْبِرِّ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قَالُوا قَوْلَيْ الْمُكْرَهِ أَرَادُوا بِهِ مَا إذَا حَلَفَ بِاخْتِيَارِهِ ثُمَّ أُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ. أَمَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ قَطْعًا، وَشَمِلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ صُورَتَيْنِ: الْأُولَى مَا إذَا تَلِفَ قَبْلَ الْغَدِ. وَالثَّانِيَةُ: مَا إذَا تَلِفَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ، وَالْأُولَى لَا يَحْنَثُ فِيهَا قَطْعًا. وَالثَّانِيَةُ فِيهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَيْهَا، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ، فَإِنْ قَتَلَ نَفْسَهُ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَفِي صُورَةِ التَّلَفِ إذَا لَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ فِي تَلِفَهُ، فَلَوْ أَتْلَفَتْهُ هِرَّةٌ أَوْ صَغِيرٌ مَثَلًا مَعَ إمْكَانِ دَفْعِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ حَنِثَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَوْ بَعْضَهُ (بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْغَدِ) عَالِمًا عَامِدًا مُخْتَارًا (حَنِثَ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ لِتَحَقُّقِ الْيَأْسِ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَأْتِيَ الْغَدَاءُ كَمَا قَطَعَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ، وَعَلَى هَذَا هَلْ حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ أَوْ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْإِمَامُ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَاف فِيمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْ كَفَّارَتِهِ عَلَى قَضِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دُونَ الْأَصَحِّ (وَإِنْ تَلِفَ) الطَّعَامُ بِنَفْسِهِ (أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) قَبْلَ الْغَدِ (فَكَمُكْرَهٍ) لِمَا مَرَّ، وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ.
(أَوْ) قَالَ مُخَاطِبًا لِشَخْصٍ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ: وَاَللَّهِ (لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ) أَوْ مَعَهُ، أَوْ مَعَ الِاسْتِهْلَالِ، أَوْ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ، أَوْ مَعَ رَأْسِهِ، أَوْ أَوَّلِ الشَّهْرِ (فَلْيَقْضِ) الْحَقُّ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ الشَّهْرِ) الَّذِي قَبْلَهُ لِوُقُوعِ هَذَا اللَّفْظِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute