للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَا يَبِيعُ مَالَ زَيْدٍ فَبَاعَهُ بِإِذْنِهِ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا.

أَوْ لَا يَهَبُ لَهُ فَأَوْجَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إنْ قَبِلَ وَلَمْ يَقْبِضْ فِي الْأَصَحِّ،

ــ

[مغني المحتاج]

يَحْنَثُ، سَوَاءٌ أَقُلْنَا الرَّجْعَةُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ أَمْ اسْتِدَامَةٌ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ، ثُمَّ جُنَّ فَعَقَدَ لَهُ وَلِيُّهُ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ إذْنِهِ فِيهِ، ذَكَرْته بَحْثًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَلَوْ حَلَفَ الْأَمِيرُ لَا يَضْرِبُ زَيْدًا، فَأَمَرَ الْجَلَّادُ بِضَرْبِهِ فَضَرَبَهُ لَمْ يَحْنَثْ، أَوْ حَلَفَ لَا يَبْنِي بَيْتَهُ، فَأَمَرَ الْبَنَّاءَ بِبِنَائِهِ فَبَنَاهُ فَكَذَلِكَ أَوْ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ، فَأَمَرَ حَلَّاقًا فَحَلَقَهُ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِعَدَمِ فِعْلِهِ، وَقِيلَ: يَحْنَثُ لِلْعُرْفِ، وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ مِنْ شَرْحَيْهِ، وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ.

(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَبِيعُ مَالَ زَيْدٍ) مَثَلًا (فَبَاعَهُ) بَيْعًا صَحِيحًا بِأَنْ بَاعَهُ (بِإِذْنِهِ) أَوْ لِظَفَرٍ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ لِحَجْرٍ أَوْ امْتِنَاعٍ أَوْ إذْنِ الْوَلِيِّ لِحَجْرٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ (حَنِثَ) لِصِدْقِ اسْمِ الْبَيْعِ بِمَا ذُكِرَ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ كَمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ لَشَمِلَ مَا ذَكَرْته (وَإِلَّا) بِأَنْ بَاعَهُ بَيْعًا غَيْرَ صَحِيحٍ (فَلَا) حِنْثَ لِفَسَادِ الْبَيْعِ، وَهُوَ فِي الْحَلِفِ مُنَزَّلٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَذِكْرُ الْبَيْعِ مِثَالٌ، وَإِلَّا فَسَائِرُ الْعُقُودِ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الصَّحِيحَ، وَكَذَا الْعِبَادَاتُ إلَّا الْحَجَّ الْفَاسِدَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَقَعُ النَّظَرُ فِي إلْحَاقِ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ الْفَاسِدَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُمَا كَالصَّحِيحَيْنِ فِي حُصُولِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ اهـ.

وَالظَّاهِرُ عَدَمُ إلْحَاقِهِمَا بِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِ وَكِيلِ زَيْدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَالُ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا لِجَهْلِهِ.

فُرُوعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ إلَى زَيْدٍ مَالًا فَوَكَّلَ الْحَالِفُ رَجُلًا فِي الْبَيْعِ وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ زَيْدًا فِي بَيْعِ ذَلِكَ فَبَاعَهُ حَنِثَ الْحَالِفُ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ زَيْدٌ أَنَّهُ مَالُ الْحَالِفِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ زَيْدٍ، وَقَدْ فَعَلَ بِاخْتِيَارِهِ، وَالْجَهْلُ أَوْ النِّسْيَانُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُبَاشِرِ لِلْفِعْلِ لَا فِي غَيْرِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ. أَمَّا إذَا قَصَدَ الْمَنْعَ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ فَوَّضَ إلَيْهَا طَلَاقَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِيهِ أَجْنَبِيًّا، وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ شِئْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَفَعَلَتْ أَوْ شَاءَتْ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْوُجُودَ مِنْهَا مُجَرَّدُ صِفَةٍ، وَهُوَ الْمُطَلِّقُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا، فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ الْوَجْهُ عِنْدَنَا، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: لَا حِنْثَ، وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ.

(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَهَبُ لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ مَثَلًا (فَأَوْجَبَ لَهُ) الْهِبَةَ (فَلَمْ يَقْبَلْ) (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْهِبَةَ لَمْ تَتِمَّ، وَيَجْرِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (وَكَذَا إنْ قَبِلَ) الْهِبَةَ (وَلَمْ يَقْبِضْ) لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مُقْتَضَى الْهِبَةِ نَقْلُ الْمِلْكِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْهِبَةِ عَدَمُ التَّبَرُّعِ عَلَى الْغَيْرِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقَبْضِ. قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ: وَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ لِعَبْدِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>