للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ نَذَرَ

صَوْمَ أَيَّامٍ نُدِبَ تَعْجِيلُهَا، فَإِنْ قَيَّدَ بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ وَجَبَ، وَإِلَّا جَازَ.

أَوْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ صَامَهَا وَأَفْطَرَ الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ وَصَامَ رَمَضَانَ عَنْهُ وَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ أَفْطَرَتْ بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ. قُلْت: الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَلَوْ) (نَذَرَ) كِسْوَةَ يَتِيمٍ لَمْ يَجُزْ كِسْوَةُ يَتِيمٍ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْيَتِيمِ فِي الشَّرْعِ لِلْمُسْلِمِ.

أَوْ نَذَرَ (صَوْمَ أَيَّامٍ) مَعْدُودَةٍ مُعَيَّنَةٍ (نُدِبَ تَعْجِيلُهَا) مُسَارَعَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ نُدِبَ ذَلِكَ، مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ صَوْمُ كَفَّارَةٍ سَبَقَتْ النَّذْرَ، وَهِيَ عَلَى التَّرَاخِي، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُنْدَبُ تَعْجِيلُ الْكَفَّارَةِ وَتُقَدَّمُ عَلَى النَّذْرِ، فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ وَجَبَ تَعْجِيلُهَا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، فَلَوْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ كَالْمُجَاهِدِ وَالْمُسَافِرِ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ بِالصَّوْمِ فَالْأَوْلَى التَّأْخِيرُ لِزَوَالِ، الْمَانِعِ، لَا سِيَّمَا إنْ وُجِدَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّذْرِ، وَلَوْ خَشِيَ النَّاذِرُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الصَّوْمَ عَجَزَ عَنْهُ مُطْلَقًا إمَّا لِزِيَادَةِ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ لِهَرَمٍ لَزِمَهُ التَّعْجِيلُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً تَعَيَّنَتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَعْدُودَةً كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَيَّامٍ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ قَيَّدَهَا بِكَثِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ (فَإِنْ قَيَّدَ) نَذْرَ صَوْمِ الْأَيَّامِ (بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ) (وَجَبَ) ذَلِكَ عَمَلًا بِالْتِزَامِهِ. أَمَّا الْمُوَلَّاةُ فَقَطْعًا، وَأَمَّا التَّفْرِيقُ فَعَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يُرَاعَى فِي صِيَامِ التَّمَتُّعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِتَفْرِيقٍ وَلَا مُوَالَاةٍ (جَازَ) أَيْ التَّفْرِيقُ وَالْمُوَالَاةُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ، لَكِنَّ الْمُوَالَاةَ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ.

(أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ (سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَسَنَةِ كَذَا أَوْ سَنَةٍ مِنْ الْغَدِ، أَوْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا (صَامَهَا) عَنْ نَذْرِهِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَأَفْطَرَ) مِنْهَا (الْعِيدَ) أَيْ يَوْمَيْهِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى (وَالتَّشْرِيقَ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وُجُوبًا لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ (وَصَامَ) شَهْرَ (رَمَضَانَ) مِنْهَا (عَنْهُ) أَيْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ (وَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ لِلنَّذْرِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ لَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ، فَإِذَا أَطْلَقَ فَأَوْلَى أَنْ لَا تَدْخُلَ فِي نَذْرِهِ (وَإِنْ) (أَفْطَرَتْ) أَيْ امْرَأَةٌ فِي سَنَةٍ نَذَرَتْ صِيَامَهَا (بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ) (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِأَيَّامِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الزَّمَانَ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ، وَإِنَّمَا أَفْطَرَتْ لِمَعْنًى فِيهَا فَتَقْضِي كَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَصَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْمُرْشِدُ فَتَبِعَهُمْ الْمُحَرَّرُ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ) قَضَاءُ زَمَنِ أَيَّامِهَا (وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ أَيَّامَهُمَا لَا تَقْبَلُ الصَّوْمَ فَلَا تَدْخُلُ بِالنَّذْرِ كَالْعِيدِ، وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ، وَنَازَعَ فِي نَقْلِ الثَّانِي عَنْ الْجُمْهُورِ.

تَنْبِيهٌ: الْإِغْمَاءُ فِي ذَلِكَ كَالْحَيْضِ (وَإِنْ) (أَفْطَرَ) النَّاذِرُ مِنْ السَّنَةِ (يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ) أَثِمَ، وَ (وَجَبَ قَضَاؤُهُ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ) لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا كَانَ لِلْوَقْتِ كَمَا فِي رَمَضَانَ، لَا لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، بَلْ لَوْ أَفْطَرَ جَمِيعَ السَّنَةِ لَمْ يَجِبْ الْوَلَاءُ فِي قَضَائِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>