للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَتَبَ الْإِمَامُ إلَيْهِ إذَا قَرَأْتَ كِتَابِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ فَقَرَأَهُ انْعَزَلَ، وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ.

وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالِهِ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي شَغْلٍ مُعَيَّنٍ كَبَيْعِ مَالِ مَيِّتٍ وَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ نَائِبِهِ الْمُطْلَقِ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ، أَوْ قِيلَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِكَ أَوْ أَطْلَقَ،

ــ

[مغني المحتاج]

قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ.

وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ فِي الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ دَخَلَ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ وَالنَّائِبُ قَاضٍ فَيَنْعَزِلُ بِبُلُوغِ الْخَبَرِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي بَعْضِ كُتُبِهِ.

وَلَوْ وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيًا بِبَلَدٍ فَحَكَمَ ذَلِكَ الْقَاضِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ السُّلْطَانَ وَلَّاهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْفُذَ حُكْمُهُ: كَمَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ فَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ وَبَاعَهُ، ثُمَّ عَلِمَ بِالْوَكَالَةِ، فَإِنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَغَيْرَهُ قَالُوا: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا. اهـ.

وَالظَّاهِرُ عَدَمُ نُفُوذِ حُكْمِهِ لِاشْتِرَاطِ قَبُولٍ مِنْ الْقَاضِي وَأَخْذًا مِمَّا بَحَثَهُ فِي قَاضٍ أَقْدَمَ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا بِمَحِلِّ وِلَايَتِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، قَالَ: لِأَنَّهُ بِالْإِقْدَامِ يَفْسُقُ وَيَخْرُجُ عَنْ الْوِلَايَةِ.

(وَإِذَا) عَلَّقَ الْإِمَامُ عَزْلَ الْقَاضِي بِقِرَاءَةِ كِتَابٍ كَأَنْ (كَتَبَ الْإِمَامُ إلَيْهِ إذَا قَرَأْتَ كِتَابِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ فَقَرَأَهُ انْعَزَلَ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَكَذَا لَوْ طَالَعَهُ وَفَهِمَ مَا فِيهِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ (وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَامُهُ بِالْعَزْلِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ، وَالثَّانِي: لَا يَنْعَزِلُ نَظَرًا إلَى صُورَةِ اللَّفْظِ، وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ عَزَلْتُكَ أَوْ أَنْتَ مَعْزُولٌ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ عَلَى الْقِرَاءَةِ لَمْ يَنْعَزِلْ مَا لَمْ يَأْتِهِ الْكِتَابُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ.

تَنْبِيهٌ لَوْ جَاءَهُ بَعْضُ الْكِتَابِ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إنْ انْمَحَى مَوْضِعُ الْعَزْلِ لَا يَنْعَزِلُ وَإِلَّا انْعَزَلَ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ انْعِزَالِ نُوَّابِ الْقَاضِي. فَقَالَ (وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ) أَيْ الْقَاضِي (وَانْعِزَالِهِ) نَائِبُهُ الْمُقَيَّدُ، وَهُوَ كُلُّ (مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي شَغْلٍ مُعَيَّنٍ كَبَيْعِ مَالِ مَيِّتٍ) أَوْ غَائِبٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَضَايَا الْجُزْئِيَّةِ كَالْوَكِيلِ، وَالْمُرَادُ إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ نَصَّبَ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَانْعِزَالِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الْإِذْنُ مُقَيَّدًا بِالنِّيَابَةِ وَلَمْ يَبْقَ الْأَصْلُ لَمْ يَبْقَ النَّائِبُ. اهـ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِعَزْلٍ، بَلْ يَنْتَهِي بِهِ الْقَضَاءُ (وَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ نَائِبِهِ الْمُطْلَقِ) بِمَا ذَكَرَهُ، وَهَذَا (إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ) لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ فِي هَذِهِ لِلْمُعَاوَنَةِ، وَقَدْ زَالَتْ وِلَايَتُهُ فَبَطَلَتْ الْمُعَاوَنَةُ (أَوْ) إنْ (قِيلَ لَهُ) أَيْ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ (اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِكَ، أَوْ أَطْلَقَ) لَهُ الِاسْتِخْلَافَ لِظُهُورِ غَرَضِ الْمُعَاوَنَةِ وَبُطْلَانِهَا بِبُطْلَانِ وِلَايَتِهِ.

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ انْعِزَالِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ، فَإِنْ قَالَ: اسْتَخْلِفْ فُلَانًا فَهُوَ كَقَوْلِهِ اسْتَخْلِفْ عَنِّي فَلَا يَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَظَرَهُ بِالتَّعْيِينِ وَجَعَلَهُ سَفِيرًا، أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>