للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ يَقْسِمُ الشُّرَكَاءُ أَوْ مَنْصُوبُهُمْ أَوْ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ.

وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ: ذَكَرٌ حُرٌّ عَدْلٌ، يَعْلَمُ الْمِسَاحَةَ وَالْحِسَابَ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ وَجَبَ قَاسِمَانِ، وَإِلَّا فَقَاسِمٌ، وَفِي قَوْلٍ اثْنَانِ.

ــ

[مغني المحتاج]

لِيَتَمَكَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْكَمَالِ وَيَتَخَلَّصُ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَاخْتِلَافِ الْأَيْدِي (قَدْ يَقْسِمُ) الْمُشْتَرَكَ (الشُّرَكَاءُ) بِأَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ (أَوْ) يَقْسِمُهُ (مَنْصُوبُهُمْ) أَيْ وَكِيلُهُمْ (أَوْ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ) أَوْ هُوَ نَفْسُهُ أَوْ الْمُحَكِّمُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ لَوْ وَكَّلَ بَعْضُهُمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ: إنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُفْرِزَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَحْتَاطَ لِمُوَكِّلِهِ، وَفِي هَذَا لَا يُمْكِنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكَّلِ جُزْءًا وَاحِدًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ وَلِمُوَكِّلِهِ، وَإِنْ وَكَّلَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ أَحَدَهُمْ أَنْ يَقْسِمَ عَنْهُمْ وَيَرَى فِيمَا يَأْخُذُهُ بِالْقِسْمَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَأْيَهُ لَمْ يَجُزْ. وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُوَكِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكِيلًا عَنْ نَفْسِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ.

(وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (ذَكَرٌ حُرٌّ عَدْلٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ كَالْحَاكِمِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحَاكِمَ يَنْظُرُ فِي الْحُجَّةِ وَيَجْتَهِدُ، ثُمَّ يُلْزِمُ بِالْحُكْمِ: كَذَلِكَ الْقَسَّامُ أَيْضًا مِسَاحَةً وَتَقْدِيرًا، ثُمَّ يُلْزِمُ بِالْإِفْرَازِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ وِلَايَةٌ وَمَنْ لَا يَتَّصِفُ بِمَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ.

تَنْبِيهٌ اُعْتُبِرَ فِي الْمُحَرَّرِ التَّكْلِيفُ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِدُخُولِهِ فِي الْعَدَالَةِ كَدُخُولِ الْإِسْلَامِ فِيهَا، وَلَوْ قَالَ بَدَلَ عَدْلٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَاسْتُفِيدَ مِنْهُ اشْتِرَاطُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالنُّطْقِ وَالضَّبْطِ، إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ (يَعْلَمُ الْمِسَاحَةَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ مَسَحَ الْأَرْضَ ذَرَعَهَا، وَعِلْمُ الْمِسَاحَةِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ (وَالْحِسَابَ) لِاسْتِدْعَائِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَإِنَّمَا شُرِطَ عِلْمُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا آلَةُ الْقِسْمَةِ كَمَا أَنَّ الْفِقْهَ آلَةُ الْقَضَاءِ، وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأُمِّ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ التَّقْوِيمِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: جَزَمَ بِاسْتِحْبَابِهِ الْقَاضِيَانِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا رَجَعَ إلَى إخْبَارِ عَدْلَيْنِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَاعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ فِي قِسْمَتَيْ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ دُونَ قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ.

تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: مَنْصُوبُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُمْ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ أَيْضًا، وَمُحَكِّمُهُمْ كَمَنْصُوبِ الْإِمَامِ (فَإِنْ) (كَانَ فِيهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ (تَقْوِيمٌ) هُوَ مَصْدَرُ قَوَّمَ السِّلْعَةَ: قَدَّرَ قِيمَتَهَا (وَجَبَ قَاسِمَانِ) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الْمُقَوِّمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَقْوِيمٌ (فَقَاسِمٌ) وَاحِدٌ فِي الْأَظْهَرِ (وَفِي قَوْلٍ) مِنْ طَرِيقٍ (اثْنَانِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>