بِقِسْمَةِ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ اُشْتُرِطَ الرِّضَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ فِي الْأَصَحِّ، كَقَوْلِهِمَا رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ، أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ.
وَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ غَلَطٍ أَوْ حَيْفٌ فِي قِسْمَةِ إجْبَارٍ نُقِضَتْ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَادَّعَاهُ وَاحِدٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ شَرِيكِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
أَيْ الشَّرِيكَانِ فَأَكْثَرُ (بِقِسْمَةِ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ اُشْتُرِطَ الرِّضَا بَعْدَ) خُرُوجِ (الْقُرْعَةِ) (فِي الْأَصَحِّ) وَصِيغَةُ الرِّضَا (كَقَوْلِهِمَا رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ) أَوْ بِهَذَا (أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ) ؛ لِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَوَجَبَ أَنْ يُنَاطَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ التَّمْلِيكِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ.
تَنْبِيهٌ قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ وَتَبِعَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ خَلَلٌ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ هُوَ قِسْمَةُ الرَّدِّ فَقَطْ، وَقَدْ ذَكَرَهَا قَبْلَهَا بِلَا فَاصِلَةٍ، وَجَزَمَ بِاشْتِرَاطِ الرِّضَا فَلَزِمَ التَّكْرَارُ مَعَ جَزْمِهِ أَوَّلًا، وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ ثَانِيًا. ثَانِيهَا: أَنَّهُ عَبَّرَ بِ الْأَصَحِّ فَاقْتَضَى قُوَّةَ الْخِلَافِ، وَفِي الرَّوْضَةِ عَبَّرَ بِالصَّحِيحِ فَاقْتَضَى ضَعْفَ مُقَابِلِهِ، ثَالِثُهَا أَنَّهُ عَكَسَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْخِلَافَ إلَّا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ، فَقَالَ: وَالْقِسْمَةُ الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا جَرَتْ بِالتَّرَاضِي هَلْ يُعْتَبَرُ تَكْرَارُ الرِّضَا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ فِيهَا؟ وَجْهَانِ: رَجَّحَ مِنْهُمَا التَّكْرَارَ اهـ وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنْ يَكْتُبَ مَا فِيهِ إجْبَارٌ فَكَتَبَ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ عِبَارَتُهُ مَا الْإِجْبَارُ فِيهِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي الْإِجْبَارِ. ثُمَّ سَقَطَتْ الْأَلِفُ فَقُرِئَتْ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ، وَبِهَذَا يَزُولُ التَّكْرَارَ أَوْ التَّنَاقُضُ وَالتَّعَاكُسُ اهـ.
وَقَالَ الشَّارِحُ اُعْتُرِضَ قَوْلُهُ: لَا إجْبَارَ فِيهِ بِأَنَّ صَوَابَهُ عَكْسُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ الْقِسْمَةُ الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا جَرَتْ بِالتَّرَاضِي إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا انْتَفَى فِيهِ الْإِجْبَارُ مِمَّا هُوَ مَحَلُّهُ الَّذِي هُوَ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ وَالْأَجْزَاءِ وَهُوَ أَصَرْحُ فِي الْمُرَادِ مِمَّا فِي الْمُحَرَّرِ اهـ.
فَقَوْلُ: الشَّارِحِ وَهُوَ: أَيْ الْمُرَادُ لَا عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ، وَكَوْنُهُ أَصْرَحُ؛ لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ فِيهِ بِالرِّضَا وَعَدَمِ الْإِجْبَارِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْإِجْبَارِ لَازِمًا لَهَا؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ أَصَرْحُ مِنْ اللَّازِمِ.
(وَلَوْ) (ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) أَوْ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ وَبِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ أَوْ الشَّاهِدِ وَيَمِينٍ (غَلَطٍ) وَلَوْ غَيْرُ فَاحِشٍ (أَوْ) ثَبَتَ (حَيْفٌ فِي قِسْمَةِ إجْبَارٍ) (نُقِضَتْ) تِلْكَ الْقِسْمَةُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى ظُلْمِ الْقَاضِي أَوْ كَذِبِ الشُّهُودِ.
تَنْبِيهٌ لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْبَيِّنَةِ بِالْحُجَّةِ لَكَانَ أَعَمَّ لِيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ (فَإِنْ) (لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) وَلَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ (وَادَّعَاهُ) أَيْ الْغَلَطَ أَوْ الْحَيْفَ (وَاحِدٌ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَبَيَّنَ قَدْرَ مَا ادَّعَاهُ (فَلَهُ تَحْلِيفُ شَرِيكِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى خَصْمِهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَنَفَعَهُ فَأَنْكَرَ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ حَلَفَ مَضَتْ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْقَاسِمِ بِذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ كَمَا لَا يَحْلِفُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ لَمْ يَظْلِمْ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ الْقَاسِمُ وَصَدَّقُوهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ لَمْ تُنْقَضْ، وَرَدَّ الْأُجْرَةَ كَالْقَاضِي يَعْتَرِفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute