للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالتُّهْمَةُ أَنْ يَجُرَّ إلَيْهِ نَفْعًا أَوْ يَدْفَعَ عَنْهُ ضَرَرًا فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

هُوَ أَمْ لَا؟ ، ثُمَّ إنَّهُ هُنَا وَافَقَ الْمُحَرَّرَ، وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ، وَاعْتُرِضَ جَعْلُهُمْ الْحِرْفَةَ الدَّنِيئَةَ مِمَّا يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَأُجِيبَ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ.

أَمَّا الْحِرْفَةُ غَيْرُ الْمُبَاحَةِ كَالْمُنَجِّمِ وَالْعَرَّافِ وَالْكَاهِنِ وَالْمُصَوِّرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: لِأَنَّ شِعَارَهُمْ التَّلْبِيسُ عَلَى الْعَامَّةِ، وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الصَّنَائِعِ الْكَذِبَ وَخَلْفَ الْوَعْدِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبَدَانِ بَاطِلَةٌ، وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ، لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ وَلَا يَكْتُبُ فَإِنَّ نُفُوسَ شُرَكَائِهِ لَا تَطِيبُ لِذَلِكَ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَأَسْلَمُ طَرِيقٍ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَرَقًا مُشْتَرَكًا وَيَكْتُبُ وَيَقْسِمُ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَمَنِ وَرَقِهِ، فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُقْرِئِينَ وَالْوُعَّاظِ.

فُرُوعٌ: الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَمُسْتَحَبَّاتِ الصَّلَاةِ تَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ لِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَإِشْعَارِهِ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْمُهِمَّاتِ، وَمَحَلُّ هَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْحَاضِرِ أَمَّا مَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ: كَالْمَلَّاحِ وَالْمُكَارِي وَبَعْضِ التُّجَّارِ فَلَا، وَيَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ مُدَاوَمَةُ مُنَادَمَتِهِ مُسْتَحِلَّ النَّبِيذِ وَالسُّفَهَاءِ، وَكَذَا كَثْرَةُ شُرْبِهِ إيَّاهُ مَعَهُمْ لِإِخْلَالِ ذَلِكَ بِالْمُرُوءَةِ، وَلَا يَقْدَحُ فِيهَا السُّؤَالُ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ طَافَ مُكْثِرُهُ بِالْأَبْوَابِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَسْبٍ مُبَاحٍ يَكْفِيه؛ لِحِلِّ الْمَسْأَلَةِ حِينَئِذٍ، إلَّا إنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِي دَعْوَى الْحَاجَةِ أَوْ أَخَذَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ فَيَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الثَّانِيَةِ قَلِيلًا اُعْتُبِرَ التَّكْرَارُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ،.

(وَالتُّهْمَةُ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ بِخَطِّهِ فِي الشَّخْصِ (أَنْ) (يَجُرَّ إلَيْهِ) بِشَهَادَتِهِ (نَفْعًا أَوْ يَدْفَعَ عَنْهُ) بِهَا (ضَرَرًا) وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنَّ كَلَامَهُ أَشْعَرَ بِعَوْدِ ضَمِيرٍ إلَيْهِ لِلشَّاهِدِ، فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَنْ يَجُرَّ الشَّاهِدُ. إلَى الشَّاهِدِ، وَفِيهِ قَلَاقَةٌ، وَأَيْضًا فَالنَّفْعُ يَنْجَرُّ لِلْمُسَمَّى لَا لِلِاسْمِ، فَلَوْ قَالَ: أَنْ يَجُرَّ إلَى نَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعَ عَنْهَا كَانَ أَوْلَى اهـ.

ثُمَّ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِصُوَرٍ مِنْ جَرِّ النَّفْعَ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْذُونًا لَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ لَا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَشْهَدُ بِهِ فَهُوَ لَهُ (وَمُكَاتَبِهِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي مَالِهِ عُلْقَةً؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ الْعَوْدِ إلَيْهِ بِعَجْزٍ أَوْ تَعْجِيزٍ. نَعَمْ لَوْ شَهِدَ بِشِرَاءِ شِقْصٍ لِمُشْتَرِيهِ، وَفِيهِ شُفْعَةٌ لِمُكَاتَبِهِ قُبِلَتْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ) وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ تَرِكَتُهُ الدُّيُونَ (أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ لِلْغَرِيمِ شَيْئًا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ إذَا كَانَ زَوْجُهَا مُعْسِرًا بِنَفَقَتِهَا فَشَهِدَتْ لَهُ بِدَيْنٍ وَتُقْبَلُ لِغَرِيمِهِ الْمُوسِرِ، وَكَذَا الْمُعْسِرِ قَبْلَ الْحَجْرِ وَالْمَوْتِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِمَالِهِ لِغُرَمَائِهِ حَالَ الشَّهَادَةِ، وَخَرَجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>