للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

قِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ رُوَاتِهِ كَيْفَ الِاسْتِغْفَارُ؟ قَالَ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَمِنْهَا مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً وَأَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً» (٢) وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ثُمَّ قَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» .

(٣) قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَيَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ، وَرُوِيَ «مَنْ قَالَ دُبُرَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ وَكَانَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ فِي حِرْزٍ مِنْ الشَّيْطَانِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

وَالْأَحَادِيثُ فِي الْبَابِ كَثِيرَةٌ، وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ هَذِهِ الْأَذْكَارِ بِالِاسْتِغْفَارِ، «وَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ أَيْ: أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ قَالَ جَوْفَ اللَّيْلِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَدْعِيَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِ مُعَاذٍ وَقَالَ: يَا مُعَاذُ وَاَللَّهِ إنِّي أُحِبُّكَ وَأُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» وَيُسَنُّ الْإِسْرَارُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يُرِيدُ تَعْلِيمَ الْمَأْمُومِينَ فَيَجْهَرَ بِهِمَا فَإِذَا تَعْلَمُوا أَسَرَّ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ، وَيَسَارِهِ إلَى الْمِحْرَابِ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ: يَسْتَقْبِلُهُمْ بِوَجْهِهِ فِي الدُّعَاءِ، وَقَوْلُهُمْ: مِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ مُرَادُهُمْ غَالِبًا لَا دَائِمًا، وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ.

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَيَّدَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتِحْبَابَ إكْثَارِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بِالْمُنْفَرِدِ وَالْمَأْمُومِ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَصِرَ فِيهِمَا بِحَضْرَةِ الْمَأْمُومِينَ، فَإِذَا انْصَرَفُوا طَوَّلَ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ. اهـ. وَهُمْ لَا يَمْنَعُونَ ذَلِكَ.

فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: خَاطَبَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِقَوْلِهِ {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢] [الْبَقَرَةُ] فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَذْكُرُوهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَخَاطَبَ بَنِي إسْرَائِيلَ بِقَوْلِهِ {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} [البقرة: ٤٠] [الْبَقَرَةُ] ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا اللَّهَ إلَّا بِهَا.

فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَصَوَّرُوا النِّعَمَ لِيَصِلُوا بِهَا إلَى ذِكْرِ الْمُنْعِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>