وَكَذَا فَاسِقَانِ فِي الْأَظْهَرِ.
وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ كَمَالِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، أَوْ فَاسِقٌ تَابَ
ــ
[مغني المحتاج]
وَالْمُرَادُ إظْهَارُ الْبُطْلَانِ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ، فَكَيْفَ نُقِضَ الْحُكْمُ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ لَا يَعْتَقِدُ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الْعَبْدِ وَحَكَمَ بِشَهَادَةِ مَنْ ظَنَّهُمَا حُرَّيْنِ فَلَا اعْتِدَادَ بِمِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَاقِصٌ فِي الْوِلَايَاتِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ فَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ (وَكَذَا فَاسِقَانِ) ظَهَرَ فِسْقُهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِهِمَا (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ دَلَّا عَلَى اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ. وَالثَّانِي: لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَقَبُولَ بَيِّنَةِ فِسْقِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ، وَعُورِضَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِالِاجْتِهَادِ يُنْقَضُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ مَعَ أَنَّ عَدَالَتَهُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالِاجْتِهَادِ.
تَنْبِيهٌ قَيَّدَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْبَغَوِيُّ النَّقْضَ بِمَا إذَا كَانَ الْفِسْقُ ظَاهِرًا غَيْرَ مُجْتَهَدٍ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُجْتَهَدًا فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ لَمْ يُنْقَضْ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى فِسْقِهِمَا مُطْلَقَيْنِ وَلَمْ يُسْنِدَا إلَى حَالَةِ الْحُكْمِ لَمْ يُنْقَضْ الْقَضَاءُ؛ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْكَافِي، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.
فَرْعٌ: لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ ثُمَّ فَسَقَا، أَوْ ارْتَدَّا قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى، وَيُشْعِرُ بِخُبْثٍ كَامِنٍ، وَلِأَنَّ الْفِسْقَ يَخْفَى غَالِبًا، فَرُبَّمَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ عَمِيَا أَوْ خَرِسَا أَوْ جُنَّا أَوْ مَاتَا حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا؛؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى، بَلْ يَجُوزُ تَعْدِيلُهُمَا بَعْدَ حُدُوثِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَيَحْكُمُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ فَسَقَا أَوْ ارْتَدَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَالِ اُسْتُوْفِيَ، كَمَا لَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالْمَالِ الْحُدُودُ فَلَا تُسْتَوْفَى، وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْحُكْمِ: بَانَ لِي أَنَّهُمَا كَانَا فَاسِقَيْنِ وَلَمْ تَظْهَرْ بَيِّنَةٌ بِفِسْقِهِمَا نُقِضَ حُكْمُهُ إنْ جَوَّزْنَا قَضَاءَهُ بِالْعِلْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: أُكْرِهْت عَلَى الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا وَأَنَا أَعْلَمُ فِسْقَهُمَا قُبِلَ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى الْإِكْرَاهِ، وَلَوْ بَانَا وَالِدَيْنِ، أَوْ وَلَدَيْنِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، أَوْ عَدُوَّيْنِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، أَوْ عَدُوَّيْنِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ انْتَقَضَ الْحُكْمُ أَيْضًا، كَمَا لَوْ بَانَا فَاسِقَيْنِ، وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ: كُنْت يَوْمَ الْحُكْمِ فَاسِقًا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يُلْتَفَت إلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدَانِ كُنَّا عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَاسِقَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ بَانَ لِي فِسْقُ الشَّاهِدَيْنِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِصِفَةِ نَفْسِهِ مِنْهُ بِصِفَةِ غَيْرِهِ، فَتَقْصِيرُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَكْثَرُ.
(وَلَوْ) (شَهِدَ كَافِرٌ) مُعْلِنٌ بِكُفْرِهِ أَوْ مُرْتَدٌّ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ (أَوْ عَبْدٌ، أَوْ صَبِيٌّ، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ كَمَالِهِ) بِإِسْلَامٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بُلُوغٍ (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِفَ بِذَلِكَ لَا يُعَيَّرُ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ (أَوْ) شَهِدَ (فَاسِقٌ تَابَ) مِنْ فِسْقِهِ، أَوْ عَدُوٌّ تَابَ مِنْ عَدَاوَتِهِ، أَوْ مَنْ لَا مُرُوءَةَ لَهُ ثُمَّ عَادَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute