للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ يَكْفِي مِنْ عَدْلَيْنِ،

وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكٍ بِمُجَرَّدِ يَدٍ وَلَا بَيْدٍ، وَتَصَرُّفٍ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، وَتَجُوزُ فِي طَوِيلَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَشَرْطُهُ تَصَرُّفُ مُلَّاكٍ مِنْ سُكْنَى وَهَدْمٍ وَبِنَاءٍ وَبَيْعٍ وَرَهْنٍ، وَتُبْنَى شَهَادَةُ الْإِعْسَارِ عَلَى قَرَائِنَ وَمَخَائِلِ الضُّرِّ والْإِضَاقَةِ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ عَدَالَةٌ وَلَا حُرِّيَّةٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَهُوَ ذَلِكَ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ (وَقِيلَ: يَكْفِي) سَمَاعُهُ (مِنْ عَدْلَيْنِ) فَقَطْ إذَا سَكَنَ الْقَلْبُ إلَى خَبَرِهِمَا؛؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَعْتَمِدُ قَوْلَهُمَا، فَكَذَا الشَّاهِدُ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ، وَقِيلَ: يَكْفِي وَاحِدٌ إذَا سَكَنَ إلَيْهِ الْقَلْبُ.

(وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكٍ بِمُجَرَّدِ يَدٍ) أَوْ تَصَرُّفٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمِلْكَ، إذْ قَدْ يَكُونُ عَنْ إجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ (وَلَا بَيْدٍ وَتَصَرُّفٍ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ) عُرْفًا بِلَا اسْتِفَاضَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ غَيْرِهِ (وَتَجُوزُ فِي) مُدَّةٍ (طَوِيلَةٍ) عُرْفًا بِلَا مُعَارَضَةِ مُنَازِعٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ امْتِدَادَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْمِلْكُ. وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُوجَدَانِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَوَكِيلٍ وَغَاصِبٍ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَى الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ اسْتِفَاضَةٌ وَإِلَّا جَازَتْ الشَّهَادَةُ قَطْعًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ الرَّقِيقُ فَلَيْسَ لِمَنْ رَأَى صَغِيرًا فِي يَدِ مَنْ يَسْتَخْدِمُهُ وَيَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ مُدَّةً طَوِيلَةً أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمِلْكِهِ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَقُولُ هُوَ عَبْدِي أَوْ يَسْمَعَ النَّاسَ يَقُولُونَ ذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي أَثْنَاءِ بَابِ اللَّقِيطِ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَكَانَ الْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَوُقُوعُ الِاسْتِخْدَامِ فِي الْأَحْرَارِ كَثِيرٌ (وَ) التَّصَرُّفُ الْمُنْضَمُّ إلَى الْيَدِ (شَرْطُهُ) فِي عَقَارٍ (تَصَرُّفُ مُلَّاكٍ) فِيهِ جَمْعُ مَالِكٍ وَبَيْنَ التَّصَرُّفِ بِقَوْلِهِ (مِنْ سُكْنَى وَهَدْمٍ وَبِنَاءٍ) وَدُخُولٍ وَخُرُوجٍ (وَبَيْعٍ) وَفَسْخٍ بَعْدَهُ (وَرَهْنٍ) وَإِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ مَعَ عَدَمِ النَّكِيرِ.

تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ بَلْ وَاحِدٌ مِنْهَا كَافٍ. قَالَا: وَلَا يَكْفِي التَّصَرُّفُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يُثِيرُ الظَّنَّ لِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ (وَتُبْنَى شَهَادَةُ الْإِعْسَارِ عَلَى قَرَائِنَ) خَفِيَّةٍ مِنْ أَحْوَالِ الْمُعْسِرِ (وَ) عَلَى (مخائل الضُّرِّ) جَمْعُ مَخِيلَةٍ مِنْ خَالَ بِمَعْنَى ظَنَّ - أَيْ مَا يُظَنُّ بِهَا مَا ذُكِرَ، وَالضَّرُّ بِالْفَتْحِ خِلَافُ النَّفْعِ، وَبِالضَّمِّ الْهُزَالُ وَسُوءُ الْحَالِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا (و) عَلَى مخائل (الْإِضَاقَةِ) مَصْدَرُ أَضَاقَ الرَّجُلُ ذَهَبَ مَالُهُ، وَالضِّيقُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ مَصْدَرُ ضَاقَ الشَّيْءُ، وَبِالْفَتْحِ جَمْعُ الضَّيِّقَةِ. وَهُوَ الْفَقْرُ وَسُوءُ الْحَالِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّوَصُّلُ إلَى الْيَقِينِ، بَلْ يَكْفِي الِاعْتِمَادُ فِيهِ عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَرَائِنُ مِنْ حَالِهِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِمُرَاقَبَتِهِ فِي خَلَوَاتِهِ وَحَالَةِ ضَمِّهَا وَمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِعْسَارِ بِشِدَّةِ صَبْرِهِ عَلَى الضَّرَرِ وَالْإِضَاقَةِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّفْلِيسِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَا لِجَوَازِ إقْدَامِ الشَّاهِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>