للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ اثْنَانِ.

وَشَرْطُ قَبُولِهَا تَعَذُّرُ أَوْ تَعَسُّرُ الْأَصِيلِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى، أَوْ مَرَضٍ يَشُقُّ حُضُورُهُ، أَوْ غَيْبَةٌ لِمَسَافَةِ عَدْوَى، وَقِيلَ قَصْرٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

قَطْعًا وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ وَلَا يَكْفِي أَيْضًا أَصْلٌ شَهِدَ مَعَ فَرْعٍ عَلَى الْأَصْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَنْ قَامَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الْبَيِّنَةِ لَا يَقُومُ بِالْآخَرِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ.

تَنْبِيهٌ: يَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَقَامُ رَجُلٍ (وَفِي قَوْلٍ) صَحَّحَهُ جَمْعٌ (يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) مِنْ الْأُصُولِ (اثْنَانِ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا عَلَى وَاحِدٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ شَهَادَتِهِ فَلَا تَقُومُ مَقَامَ شَهَادَةِ غَيْرِهِ.

(وَشَرْطُ) شَهَادَةِ الْفَرْعِ فِي (قَبُولِهَا تَعَذُّرُ أَوْ تَعَسُّرُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى) لَا تُسْمَعُ مَعَهُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى. وَهَذَانِ مِثَالَانِ لِلتَّعَذُّرِ، وَمِثْلُهُمَا الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ وَالْخَرَسُ الَّذِي لَا يُفْهَمُ، فَلَوْ قَالَ كَالْمَوْتِ كَانَ أَوْلَى (أَوْ مَرَضٍ يَشُقُّ حُضُورُهُ) مَشَقَّةً ظَاهِرَةً بِأَنْ يَجُوزَ لِأَجْلِهِ تَرْكُ الْجُمُعَةِ، وَخَوْفٍ مِنْ غَرِيمٍ وَسَائِرِ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ، كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ ضَابِطِ الْمَرَضِ هُنَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، وَهُوَ بَعِيدٌ نَقْلًا وَعَقْلًا وَبَيَّنَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ إلْحَاقَهُ سَائِرَ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ بِالْمَرَضِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ أَكَلَ مَالَهُ رِيحٌ كَرِيهَةٌ عُذِرَ فِي الْجُمُعَةِ، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ هُنَا بِأَنَّ أَكْلَ شُهُودِ الْأَصْلِ ذَلِكَ يُسَوِّغُ سَمَاعَ الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الْحُضُورُ (أَوْ غَيْبَةٌ لِمَسَافَةِ عَدْوَى. وَقِيلَ) لِمَسَافَةِ (قَصْرٍ) ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْبَلَدِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ لِمَسَافَةِ عَدْوَى نَسَبَ فِيهِ إلَى سَبْقِ الْقَلَمِ، وَصَوَابُهُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَا هُوَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّ الْمُسَوِّغَ لِشَهَادَةِ الْفَرْعِ غَيْبَةُ الْأَصْلِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ أَنْ يُدْعَى مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، فَكَيْفَ يُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ الْفَرْعِ مَعَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَصْلِ؟ ، وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ هُنَا تَكْرَارًا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَوْتَ الْأَصْلِ وَغَيْبَتَهُ وَمَرَضَهُ لَا يَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي بَيَانِ طَرَيَانِ الْعُذْرِ، وَهَذَا فِي الْمُسَوِّغِ لِلشَّهَادَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ شُرُوطِ الْغَيْبَةِ شُهُودُ التَّزْكِيَةِ، فَإِنَّ أَصْحَابَ الْمَسَائِلِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى شَهَادَةِ الْمُزَكَّى مَعَ حُضُورِ الْمُزَكِّينَ فِي الْبَلَدِ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي فَصْلِ التَّزْكِيَةِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

وَلَوْ شَهِدَ الْفَرْعُ فِي غَيْبَةِ الْأَصْلِ ثُمَّ حَضَرَ، أَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنِّي تَحَمَّلْتُ أَوْ نَسِيتُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا لِحُصُولِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْأُولَى وَالرِّيبَةِ فِيمَا عَدَاهَا أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ كَذَّبَ بِهِ الْأَصْلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يُنْقَضْ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَجِيءَ تَغْرِيمُهُمْ وَالتَّوَقُّفُ فِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَةِ مَا يَأْتِي فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ بَعْدَ الْقَضَاءِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ كَذَّبَهُ قَبْلَهُ فَيُنْقَضُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَفَقُّهًا إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَشْهَدَهُ فَلَا يُنْقَضُ، وَاسْتَثْنَى الشَّيْخَانِ بَحْثًا مِنْ الْأَعْذَارِ مَا يَعُمُّ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ كَالْمَطَرِ وَالْوَحْلِ الشَّدِيدِ فَلَا تُسْمَعُ مَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>