للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي احْلِفْ فَيَقُولُ لَا أَحْلِفُ، فَإِنْ سَكَتَ حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ، وَقَوْلُهُ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ حُكِمَ بِنُكُولِهِ.

وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ فِي قَوْلٍ كَبَيِّنَةٍ، وَفِي الْأَظْهَرِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بَيِّنَةً بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ لَمْ تُسْمَعْ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَنْهَا (أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي احْلِفْ فَيَقُولُ: لَا أَحْلِفُ) لِصَرَاحَتِهِمَا فِي الِامْتِنَاعِ فَيَرُدُّ الْيَمِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِالنُّكُولِ.

تَنْبِيهٌ أُورِدَ عَلَى حَصْرِ الْمُصَنِّفِ النُّكُولُ فِيمَا ذَكَرَهُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ: بِالرَّحْمَنِ، فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ نُكُولٌ، وَلَوْ قَالَ لَهُ قُلْ: بِاَللَّهِ. فَقَالَ: وَاَللَّهِ، أَوْ تَاللَّهِ فَهَلْ هُوَ نُكُولٌ كَالصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ: صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ نُكُولًا، وَنَسَبَهُ لِلنَّصِّ، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ غَلَّظَ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ وَامْتَنَعَ، وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَكُونُ نُكُولًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ بِذَلِكَ لَيْسَ وَاجِبًا فَلَا يَكُونُ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُ نَاكِلًا. وَقَالَ الْقَفَّالُ فِي التَّغْلِيظِ اللَّفْظِيِّ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ نَاكِلٌ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهِ فِي الْمَكَانِيِّ وَالزَّمَانِيِّ لَا اللَّفْظِيِّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: قُلْ: تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ فَقَالَ بِالْمُوَحَّدَةِ. قَالَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ: يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ وَأَشْهَرُ (فَإِنْ سَكَتَ) بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ لَا لِدَهْشَةٍ وَنَحْوِهَا (حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ) كَمَا أَنَّ السُّكُوتَ عَنْ الْجَوَابِ فِي الِابْتِدَاءِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْإِنْكَارِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ هُنَا لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْيَمِينِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ، يُرَدُّ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي، وَلِلْخَصْمِ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ بَعْدَ نُكُولِهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي وَالْحُكْمُ كَقَوْلِهِ: جَعَلْتُكَ نَاكِلًا، أَوْ نَكَّلْتُكَ بِالتَّشْدِيدِ، وَيُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْرِضَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا إذَا سَكَتَ أَكْثَرَ مِنْهُ فِيمَا إذَا صَرَّحَ بِالنُّكُولِ، وَيُبَيِّنُ النُّكُولَ لِلْجَاهِلِ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْكَ الْحَقَّ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَلْقِينِ الدَّعْوَى، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَحَكَمَ بِنُكُولِهِ نَفَذَ حُكْمُهُ لِتَقْصِيرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ حُكْمِ النُّكُولِ (وَقَوْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي فِي صُورَةِ السُّكُوتِ (لِلْمُدَّعِي احْلِفْ حُكْمٌ بِنُكُولِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ هَذَا إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ.

(وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) بِرَدِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْقَاضِي (فِي قَوْلٍ كَبَيِّنَةٍ) يُقِيمُهَا الْمُدَّعِي (وَفِي الْأَظْهَرِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ بِنُكُولِهِ تَوَصَّلَ لِلْحَقِّ فَأَشْبَهَ إقْرَارَهُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بَيِّنَةً بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْقِطَاتِ (لَمْ تُسْمَعْ) عَلَى الثَّانِي وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ وَتُسْمَعُ عَلَى الْأَوَّلِ.

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " إبْرَاءٍ " أَنَّ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ فَقَطْ وَأَنَّ بَيِّنَتَهُ تُسْمَعُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>