وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ دَيْنًا لَهُ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ لَمْ يُحَلَّفْ الْوَلِيُّ. وَقِيلَ: يُحَلِّفُ. وَقِيلَ: إنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ حُلِّفَ.
ــ
[مغني المحتاج]
فَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ وَمَنَعْنَا نَقْلَهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ لَمْ يَتَعَذَّرْ رَدُّ الْيَمِينِ. أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُتَقَدِّمُ فِي بَابِ زَكَاةِ النَّبَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ.
تَنْبِيهٌ كُلُّ حَقٍّ يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى لَهُ حُكْمُ الزَّكَاةِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ. قَالَ: وَمِنْهُ مَا لَوْ ادَّعَى وَلَدُ الْمُرْتَزِقَةِ الْبُلُوغَ بِالْإِنْزَالِ وَرَامَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ فَالْأَصَحُّ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُعْطَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: وَهُوَ قَضَاءٌ بِالنُّكُولِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا، وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حُجَّتَهُ الْيَمِينُ وَلَمْ تُوجَدْ، وَلَوْ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ مِثَالِ الزَّكَاةِ إلَى مِثَالِ الْجِزْيَةِ، وَهُوَ فِيمَا إذَا قَالَ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ وَقَالَ الْعَامِلُ: بَعْدَ تَمَامِهَا لَكَانَ التَّفْرِيعُ فِيهِ جَارِيًا عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَحْلِفُ إيجَابًا وَأَنَّهُ إذَا نَكَلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ، وَلَوْ مَاتَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْقَاضِي أَوْ مَنْصُوبُهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ وَجَدَهُ فِي تَذْكِرَتِهِ، فَأَنْكَرَ الْخَصْمُ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَهَلْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَوْ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ أَوْ يُتْرَكَ؟ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي، وَهَكَذَا فِي الدَّعْوَى لِلْمَسْجِدِ أَوْ فِي وَقْفٍ عَامٍّ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ.
ثُمَّ أَشَارَ لِمَا يُسْتَثْنَى مِنْ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) (ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ) أَوْ مَجْنُونٍ (دَيْنًا) مَثَلًا (لَهُ) عَلَى إنْسَانٍ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (لَمْ يُحَلَّفْ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْحَقِّ لِغَيْرِ الْحَالِفِ بَعِيدٌ فَيَكْتُبُ الْقَاضِي بِمَا جَرَى مَحْضَرًا وَيُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى الْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ (وَقِيلَ يُحَلَّفُ) مُطْلَقًا مَا لَمْ يَبْلُغْ الصَّبِيُّ أَوْ يُفِقْ الْمَجْنُونُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي (وَقِيلَ: إنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ) أَيْ ادَّعَى ثُبُوتَهُ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (حُلِّفَ) ؛ لِأَنَّ الْعَهْدَ يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ اهـ.
وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِهِ، وَهِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْفَرْقَ هُنَاكَ فَلْيُرَاجَعْ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ أَقَامَ الْوَلِيُّ شَاهِدًا هَلْ يَحْلِفُ مَعَهُ، وَفِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ فَأَنْكَرَ وَفِي قَيِّمِ مَسْجِدٍ أَوْ وَقْفٍ ادَّعَى شَيْئًا فَأَنْكَرَ الْخَصْمُ وَنَكَلَ، وَلَوْ أَقَرَّ الْقَيِّمُ بِمَا ادَّعَاهُ الْخَصْمُ انْعَزَلْ وَأَقَامَ الْقَاضِي غَيْرَهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْقَيِّمَ قَبَضَهُ فَأَنْكَرَ حَلَفَ.
تَتِمَّةٌ
يَحْلِفُ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ لَهُ إذَا نَكَلَ خَصْمُهُ وَيَقُولُ لَهُ: وَيَلْزَمُك التَّسْلِيمُ إلَى وَلِيٍّ وَلَا يَقُلْ إلَيَّ، بِخِلَافِ وَلِيِّهِ فِي دَعْوَاهُ عَنْهُ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَمِينٌ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفْدِيَهَا بِالْمَالِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ، وَالتَّجْوِيزُ مِنْ قَوْلِ الْبُوَيْطِيِّ لَا الشَّافِعِيِّ، وَنُقِلَ الْمَنْعُ أَيْضًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute