يُوقَفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا.
وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سَالِمًا، وَأُخْرَى غَانِمًا وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ مَالِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخُ تَقْدِيمٍ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ، وَإِنْ اتَّحَدَ أُقْرِعَ، وَإِنْ أَطْلَقَتَا قِيلَ يُقْرَعُ، وَفِي قَوْلٍ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ. قُلْتُ: الْمَذْهَبُ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[مغني المحتاج]
ابْنِ سُرَيْجٍ (يُوقَفُ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا) عَلَى شَيْءٍ لِتَسَاوِي الْحَالَيْنِ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ تَزُولُ بِالْبُلُوغِ.
تَنْبِيهٌ لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ الْأَبَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَالِابْنَانِ كَافِرَيْنِ، وَقَالَ كُلَّ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ عُرِفَ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ سَابِقٌ وَقَالَا: أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا. وَقَالَ الِابْنَانِ: لَا وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ فَالْمُصَدَّقُ الِابْنَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ عَلَى الْكُفْرِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا كُفْرٌ سَابِقٌ أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ فَالْمُصَدَّقُ الْأَبَوَانِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فِي الْأُولَى، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّبَا فِي الثَّالِثَةِ.
فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ لِرَجُلٍ ابْنٌ وَزَوْجَةٌ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هُوَ وَأَخُو الزَّوْجَةِ فَقَالَ هُوَ: مَاتَتْ قَبْلَ الِابْنِ فَوَرِثْتهَا أَنَا وَابْنِي ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَوَرِثْتُهُ وَقَالَ أَخُوهَا: بَلْ مَاتَتْ بَعْدُ فَوَرِثَتْ الِابْنَ قَبْلَ مَوْتِهَا ثُمَّ وَرِثْتهمَا أَنَا وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ الْأَخُ فِي مَالِ أُخْتِهِ وَالزَّوْجُ فِي مَالِ ابْنِهِ بِيَمِينِهَا، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا لَمْ يَرِثْ مَيِّتٌ مِنْ مَيِّتٍ، فَمَالُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَخِ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ تَعَارَضَتَا، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى مَوْتِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَاخْتَلَفَا فِي مَوْتِ الْآخَرِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ صَدَقَ مَنْ ادَّعَاهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ. فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ قُدِّمَ بَيِّنَةُ مَنْ ادَّعَاهُ قَبْلُ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ.
وَلَوْ قَالَ وَرَثَةُ مَيِّتٍ لِزَوْجَتِهِ كُنْتِ أَمَةً ثُمَّ عَتَقْتِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ كُنْتِ كَافِرَةً ثُمَّ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ هِيَ: بَلْ عَتَقْتِ أَوْ أَسْلَمْت قَبْلُ، صُدِّقُوا بِأَيْمَانِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ وَالْكُفْرِ، وَإِنْ قَالَتْ: لَمْ أَزَلْ حُرَّةً أَوْ مُسْلِمَةً صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا دُونَهُمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا.
(وَلَوْ) (شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ عَلَى شَخْصٍ (أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ (سَالِمًا، وَ) بَيِّنَةٌ (أُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ (غَانِمًا وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهَا (ثُلُثُ مَالِهِ) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (تَارِيخُ تَقْدِيمٍ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) مِنْهُمَا تَارِيخًا؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ الْمُنْجَزَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُقَدَّمُ فِيهِ الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ، وَلِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ (وَإِنْ اتَّحَدَ) تَارِيخُهُمَا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ مَزِيَّةِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سُدُسَ الْمَالِ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ عَتَقَ هُوَ وَنِصْفُ الْآخَرِ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْآخَرِ عَتَقَ وَحْدَهُ (وَإِنْ أَطْلَقَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا (قِيلَ: يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ (وَفِي قَوْلٍ) مِنْ طَرِيقٍ (يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ) لِاسْتِوَائِهِمَا، وَالْقُرْعَةُ مُمْتَنِعَةٌ؛ لِأَنَّا لَوْ أَقْرَعْنَا لَمْ نَأْمَنْ أَنْ يَخْرُجَ الرِّقُّ عَلَى السَّابِقِ فَيَلْزَمُهُ مِنْهُ إرْقَاقُ حُرٍّ وَتَحْرِيرُ رَقِيقٍ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قُلْتُ: الْمَذْهَبُ يُعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
وَلَوْ قَالَ: قُلْتُ الْمَذْهَبُ الثَّانِي لَكَانَ أَخْصَرَ، وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute