أَوْ أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ أَوْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَأَجَابَهُ عَتَقَ فِي الْحَالِ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِأَلْفٍ فَقَالَ اشْتَرَيْت فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ الْأَلْفُ.
وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الطَّلَاقِ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي التَّفْوِيضِ بِالْكِنَايَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: وَنَوَى قَيْدًا فِي الْأَخِيرَةِ خَاصَّةٌ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَجْلِسِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ، لَكِنْ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ اشْتِرَاطُهُ حَيْثُ قَالَا: فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْحَالِ عَتَقَ وَاعْتُذِرَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مُرَادَهُ، مَجْلِسُ التَّخَاطُبِ لَا الْحُضُورِ (أَوْ) قَالَ لِعَبْدِهِ فِي الْإِيجَابِ (أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ) مَثَلًا فِي ذِمَّتِك (أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ) فِي الْحَالِ (أَوْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ) فِي الِاسْتِيجَابِ (أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفٍ) مَثَلًا (فَأَجَابَهُ) فِي الْحَالِ (عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَالْخُلْعِ بَلْ أَوْلَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى تَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ دُونَ الْفِرَاقِ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ، وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ نَازِعَةٌ إلَى الْجَعَالَةِ، وَلَا يَقْدَحُ كَوْنُهُ تَمْلِيكًا، إذْ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فِي الْحَالِ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَلَا فَائِدَةَ لَهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرَاهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَاهُ بَعْدَ هَذِهِ الصُّورَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُك عَلَى كَذَا إلَى شَهْرٍ فَقَبِلَ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَالْعِوَضُ مُؤَجَّلٌ، وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً، فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إذَا كَانَ فِي يَدِ عَبْدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ اكْتَسَبَهَا، فَقَالَ السَّيِّدُ أَعْتَقْتُكَ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يُعْتَقُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ، وَالْأَلْفُ مِلْكُ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهَا كَسْبُ عَبْدِهِ. وَثَانِيهَا: يُعْتَقُ وَيَتَرَاجَعَانِ بِالْقِيمَةِ كَالْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ. وَثَالِثُهَا: يُعْتَقُ وَالْأَلْفُ مِلْكُ السَّيِّدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِتَمَامِ قِيمَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ عَتَقَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ (وَلَوْ) (قَالَ) لِرَقِيقِهِ (بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِأَلْفٍ) فِي ذِمَّتِك حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً تَرُدُّهَا بَعْدَ حُرِّيَّتِك (فَقَالَ: اشْتَرَيْت) (فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ) كَالْكِتَابَةِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ أَثْبَتُ وَالْعِتْقَ فِيهِ أَسْرَعُ (وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ الْأَلْفُ) عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ لَا بَيْعٍ، وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَلَوْ كَانَ بَيْعًا لَثَبَتَ فِيهِ.
(وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ) لِعُمُومِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَهَذَا عِتْقٌ غَلَبَ فِيهِ شَائِبَةُ الْعِتْقِ، وَقِيلَ: لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ. هَذَا إذَا بَاعَهُ نَفْسَهُ جَمِيعًا، فَلَوْ بَاعَهُ بَعْضَ نَفْسِهِ سَرَى عَلَى الْبَائِعِ إنْ قُلْنَا الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا وَلَاءَ لَهُ لَمْ يَسْرِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا عَنْ حَطِّ شَيْءٍ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي الْإِعْتَاقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلَوْ قَالَ لِرَقِيقِهِ: وَهَبْتُكَ نَفْسَكَ وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ، أَوْ التَّمْلِيكَ فَكَذَلِكَ إنْ قَبِلَ فَوْرًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الْكِتَابَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute