للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ.

وَلَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ، وَنَجَسٌ اجْتَهَدَ.

ــ

[مغني المحتاج]

قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَاسْتَمَرَّ إلَى انْقِضَائِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَدَثٍ ثُمَّ يَرْتَفِعُ، وَأَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ: أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ يَظُنُّ بَقَاءَ الْمُدَّةِ إلَى فَرَاغِهِ، فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّ الْمُدَّةَ تَنْقَضِي فِيهَا، فَيَنْبَغِي عَدَمُ انْعِقَادِهَا، نَعَمْ إنْ كَانَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ يُدْرِكُ مِنْهُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ انْعَقَدَتْ، وَلَوْ افْتَصَدَ مَثَلًا فَخَرَجَ مِنْهُ الدَّمُ، وَلَمْ يُلَوِّثْ بَشَرَتَهُ أَوْ لَوَّثَهَا قَلِيلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ فِي الْأُولَى غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ مُغْتَفَرٌ.

وَيُسَنُّ لِمَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ لِيُوهِمَ أَنَّهُ رَعَفَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ،، وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ كَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِلصَّلَاةِ خُصُوصًا إذَا قَرُبَتْ إقَامَتُهَا أَوْ أُقِيمَتْ.

(وَ) خَامِسُهَا (طَهَارَةُ النَّجَسِ) الَّذِي لَا يُعْفَى عَنْهُ (فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) أَيْ: ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ حَتَّى دَاخِلَ أَنْفِهِ أَوْ فَمِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ (وَالْمَكَانِ) أَيْ: مَكَانِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ بِوُجُودِهِ أَوْ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] [الْمُدَّثِرُ] ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» ثَبَتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ، وَهُوَ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ تَضَمُّخٍ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ فِيهَا، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا فَلَزِمَ مَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا جُعِلَ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ هُنَا كَظَاهِرِهِمَا بِخِلَافِ غَسْلِ الْجَنَابَةِ لِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي عَيْنِهِ وَجَبَ غَسْلُهَا، وَلَا يَجِبُ غَسْلُهَا فِي الطَّهَارَةِ، فَلَوْ أَكَلَ مُتَنَجِّسًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَغْسِلْ فَمَهُ، وَلَوْ رَأَيْنَا فِي ثَوْبِ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ بِهَا لَزِمَنَا إعْلَامُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، كَمَا لَوْ رَأَيْنَا صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ فَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا مَنْعُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِصْيَانًا، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ كَثُرَ ذَرْقُ الطَّيْرِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الِاحْتِرَازِ مِنْهُ، وَقُيِّدَ فِي الْمَطْلَبِ الْعَفْوُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيِّنٌ. قَالَ شَيْخِي: وَأَنْ لَا يَكُونَ رَطْبًا: أَيْ: أَوْ رِجْلُهُ مَبْلُولَةً.

فَرْعٌ لَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَغْسِلُهُ بِهِ وَجَبَ قَطْعُ مَوْضِعِهَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْقَطْعِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ ثَوْبٍ يُصَلِّي فِيهِ لَوْ اكْتَرَاهُ، هَذَا مَا قَالَاهُ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُعْتَبَرُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ أُجْرَةِ غَسْلِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ. اهـ.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقُيِّدَ أَيْضًا وُجُوبُ الْقَطْعِ بِحُصُولِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِالظَّاهِرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَوَلِّي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ بَعْضَ الْعَوْرَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

(وَلَوْ اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ (طَاهِرٌ وَنَجَسٌ) مِنْ ثَوْبَيْنِ أَوْ بَيْتَيْنِ (اجْتَهَدَ) فِيهِمَا لِلصَّلَاةِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَمَا فِي الْأَوَانِي، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ صَلَّى فِيمَا ظَنَّهُ الطَّاهِرَ مِنْ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْبَيْتَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَصَحِّ،، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِيَاهِ مِنْ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهَا لِكُلِّ فَرْضٍ، لِأَنَّ بَقَاءَ الثَّوْبِ أَوْ الْمَكَانِ كَبَقَاءِ الطَّهَارَةِ، فَلَوْ اجْتَهَدَ فَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>