مَعًا عِتْقًا، فَالْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَشَرْطُ السِّرَايَةِ إعْتَاقُهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَلَوْ وَرِثَ بَعْضَ وَلَدِهِ لَمْ يَسْرِ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَلَفُّظًا بِالْعِتْقِ (مَعًا) بِحَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا بِالْفَرَاغِ مِنْهُ، أَوْ وَكَّلَا وَكِيلًا فَأَعْتَقَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، أَوْ عَلَّقَاهُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَدُخُولِ الدَّارِ وَهُمَا مُوسِرَانِ (عِتْقًا) بِقَدْرِ الْوَاجِبِ (فَالْقِيمَةُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي سَرَى الْعِتْقُ (عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ) عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمَا لَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ التَّلَفِ يَسْتَوِي فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ: كَمَا لَوْ مَاتَ مِنْ جِرَاحَاتِهِمَا الْمُخْتَلِفَةِ، وَكَمَا لَوْ وَضَعَ رَجُلَانِ فِي مَاءٍ لِغَيْرِهِمَا نَجَاسَةً فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ وَضَعَ فِيهِ جَرْوًا وَالْآخَرُ جَرْوَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكَيْنِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الشُّفْعَةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ وَمَرَافِقِهِ كَالثَّمَرَةِ، وَهَذَا سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفِ.
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَقَطْ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الثَّالِثِ قَطْعًا، فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ بِدُونِ الْوَاجِبِ سَرَى إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ بِحَسَبِ يَسَارِهِمَا، فَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ سَرَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِ مَا يَجِدُ، وَإِنَّمَا ضَبَطَ الْمُصَنِّفُ الْآخِرَانِ بِكَسْرِ الْخَاءِ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الْمُحَرَّرِ فَأَعْتَقَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ: فَأَعْتَقَ اثْنَانِ مِنْهُمَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ.
(وَشَرْطُ السِّرَايَةِ) أَيْ شُرُوطِهَا أَرْبَعَةٌ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُوهَمَ الْحَصْرُ فِيمَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِهَا كَمَا سَتَرَاهُ. أَحَدُهَا (إعْتَاقُهُ) أَيْ الْمَالِكِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ (بِاخْتِيَارِهِ) كَشِرَاءِ حُرٍّ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ وَقَبُولِ هِبَتِهِ أَوْ الْوَصِيَّةِ بِهِ.
تَنْبِيهٌ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاخْتِيَارِ مُقَابِلَ الْإِكْرَاهِ، بَلْ الْمُرَادُ السَّبَبُ فِي الْإِعْتَاقِ، وَلَا يَصِحُّ الِاحْتِرَازُ بِالِاخْتِيَارِ عَنْ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يُعْتَقُ فِيهِ الشِّقْصُ وَالْإِكْرَاهُ لَا عِتْقَ فِيهِ أَصْلًا، وَخَرَجَ بِاخْتِيَارِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ وَرِثَ بَعْضَ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ، أَوْ بَعْضَ أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا (لَمْ يَسْرِ) عَلَيْهِ عِتْقُهُ إلَى بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ، وَعِنْدَ انْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ لَا صُنْعَ مِنْهُ يُعَدُّ إتْلَافًا، وَمَا لَوْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ اشْتَرَى جُزْءَ بَعْضِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْرِ سَوَاءٌ أَعَجَزَ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ أَمْ بِتَعْجِيزِ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ. فَإِنْ قِيلَ: هُوَ مُخْتَارٌ فِي الثَّانِيَةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ وَالْمِلْكُ حَصَلَ ضِمْنًا، وَمَا لَوْ اشْتَرَى أَوْ اتَّهَبَ الْمُكَاتَبُ بَعْضَ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ وَعَتَقَ بِعِتْقِهِ لَمْ يَسْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بِاخْتِيَارِهِ، بَلْ ضِمْنًا، وَمَا لَوْ مَلَكَ شَخْصٌ بَعْضَ ابْنِ أَخِيهِ وَبَاعَهُ بِثَوْبٍ مَثَلًا وَمَاتَ فَوَرِثَهُ أَخُوهُ وَرَدَّ الْأَخُ الثَّوْبَ بِعَيْبٍ وَجَدَهُ فِيهِ وَاسْتَرَدَّ الْبَعْضَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْرِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَالرَّافِعِيِّ قُبَيْلَ الْخَاصَّةِ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ رَدُّ الثَّوْبِ لَا اسْتِرْدَادُ الْبَعْضِ، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَكِنْ الْمُصَحَّحُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا السِّرَايَةُ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي مِلْكِهِ بِالْفَسْخِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute