ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ، وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا وَأَوْلَادِهِ وَعُتَقَائِهِ، فَإِنْ عَتَقَ عَلَيْهَا أَبُوهَا ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ بِلَا وَارِثٍ فَمَالُهُ لِلْبِنْتِ،
ــ
[مغني المحتاج]
لَهُ لَا لِلْمَالِكِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ سَائِبَةً أَوْ عَلَى أَنَّهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَبْطُلْ وَلَاؤُهُ وَلَمْ يَنْتَقِلْ كَنَسَبِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ، إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ، لِأَنَّ الْمِلْكَ بِزَعْمِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ، وَإِنَّمَا عَتَقَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ.
وَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ كَافِرًا فَلَحِقَ الْعَتِيقُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ الثَّانِي فَوَلَاؤُهُ لِلثَّانِي.
وَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْإِمَامُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِلْمُعْتِقِ.
تَنْبِيهٌ: يَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَعَكْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا كَمَا ثَبَتَ عَلَقَةُ النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا.
وَلَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ الْإِعْتَاقِ كَإِسْلَامِ شَخْصٍ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَحَدِيثُ «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» قَالَ الْبُخَارِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ، وَكَالْتِقَاطٍ، وَحَدِيثُ «تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ: عَتِيقَهَا وَلَقِيطَهَا وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» ضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَالْحَلِفِ وَالْمُوَالَاةِ (ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ) الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَمَنْ يَعْصِبُهُمْ الْعَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِمْ لَكَانَ مَوْرُوثًا.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ لِلْعَاصِبِ مَعَ وُجُودِ الْمُعْتِقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ ثَابِتٌ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ. فِيمَا إذَا مَاتَ الْعَتِيقُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَالْمُعْتِقُ حُرٌّ كَافِرٌ، وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ فَمِيرَاثُهُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمُ، وَلَوْ قُلْنَا: لَا يَثْبُتُ لَكَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ، بَلْ الْمُتَأَخَّرُ لَهُمْ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فَوَائِدُهُ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَيِّدَ الْعَصَبَةَ بِمَا زِدْتُهُ فِي كَلَامِهِ وَكَأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ) فَلَوْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَرِثَ الذَّكَرُ دُونَهَا. ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ: (إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَأَوْلَادِهِ) وَإِنْ نَزَلُوا (وَعُتَقَائِهِ) وَإِنْ بَعُدُوا.
تَنْبِيهٌ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إلَّا مِنْ مُعْتِقِهَا أَوْ مُنْتَمٍ إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ لِئَلَّا يُرَدَّ عَلَيْهِ وَلَدُ الْعَتِيقَةِ الَّذِي عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ مِنْ حُرٍّ أَصْلِيٍّ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مَعَ دُخُولِهِ فِي عِبَارَتِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْفَرَائِضِ، وَذَكَرهَا هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: (فَإِنْ) (عَتَقَ عَلَيْهَا أَبُوهَا) كَأَنْ اشْتَرَتْهُ (ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ بِلَا وَارِثٍ) مِنْ النَّسَبِ لِلْأَبِ وَالْعَبْدِ (فَمَالُهُ) أَيْ الْعَتِيقِ (لِلْبِنْتِ) لَا لِكَوْنِهَا بِنْتَ مُعْتِقِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَرِثُ بَلْ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةُ الْمُعْتِقِ.
تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ مِيرَاثِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ عَصَبَةٌ، فَإِنْ كَانَ كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ، فَمِيرَاثُ الْعَتِيقِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute