وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَالْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ (وَإِنْ أَقَامَا) أَيْ الْمُدَبَّرُ وَالْوَارِثُ (بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ عَلَى النَّصِّ، وَقُطِعَ بِهِ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ، وَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَالَ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ، فَقَالَ كَانَ فِي يَدِي وَدِيعَةً لِرَجُلٍ وَمَلَكْتُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْضًا.
وَلَوْ دَبَّرَ رَجُلَانِ أَمَتَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لَحِقَهُ وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ مَهْرِهَا وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَرِيكُهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى أَخْذِهَا كَمَا مَرَّ، وَمَا فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ رُجُوعٌ فِي التَّدْبِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ السِّرَايَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ وَيَلْغُو رَدُّ الْمُدَبَّرِ التَّدْبِيرَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ.
خَاتِمَةٌ: لَوْ دَبَّرَ السَّيِّدُ عَبْدًا، ثُمَّ مَلَّكَهُ أَمَةً فَوَطِئَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مَلَكَهُ السَّيِّدُ سَوَاءٌ أَقُلْنَا: إنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ أَمْ لَا، وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ،.
وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي بِعَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِمُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا فِي حُكْمِ الصِّفَةِ إلَّا إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيَتْبَعُهَا فِي ذَلِكَ فَيَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْقِيَاسِ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا عُلِّقَتْ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ وَمُتّ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ عَتَقَ بِمَوْتِهِ، وَإِنْ قَرَأَ بَعْضَهُ لَمْ يَعْتِقْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، وَإِنْ قَالَ: إنْ قَرَأْتَ قُرْآنًا وَمُتّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَرَأَ بَعْضَ الْقُرْآنِ وَمَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ وَالْفَرْقُ التَّعْرِيفُ وَالتَّنْكِيرُ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ أَنَّ الْقُرْآنَ يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ كَالْمَاءِ وَالْعَسَلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} [يوسف: ٣] : وَهَذَا الْخِطَابُ كَانَ بِمَكَّةَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَبَعْدَ ذَلِكَ نَزَلَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَيْسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ بِالْهَمْزِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْقُرْآنَ بِغَيْرِ هَمْزٍ عِنْدَهُ اسْمُ جَمْعٍ كَمَا أَفَادَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَلُغَةُ الشَّافِعِيِّ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَالْوَاقِفُ عَلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ يَظُنُّهُ مَهْمُوزًا، وَإِنَّمَا يَنْطِقُ فِي ذَلِكَ بِلُغَتِهِ الْمَأْلُوفَةِ لَا بِغَيْرِهَا، وَبِهَذَا اتَّضَحَ الْإِشْكَالُ. وَأُجِيبَ عَنْ السُّؤَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute