للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَلْيَقُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَلَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ، وَأَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَيُسْتَحَبُّ الرُّبُعُ، وَإِلَّا فَالسُّبُعُ.

وَيَحْرُمُ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ، وَلَا حَدَّ فِيهِ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الْحَطَّ أَصْلٌ وَالْإِيتَاءَ بَدَلٌ عَنْهُ (وَ) الْحَطُّ أَوْ الدَّفْعُ (فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَلْيَقُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ، وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَوَضَعَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلَافٍ، وَذَلِكَ مِنْ آخِرِ نَجْمِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) مِنْ الْمَالِ (وَلَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَقْدِيرٌ، وَهَذَا مَا نَقَلَاهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْكِتَابِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ هَذَا مِنْ الْمُعْضِلَاتِ، فَإِنَّ إتْيَانَ فِلْسٍ لِمَنْ كُوتِبَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ تُبْعِدُ إرَادَتَهُ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: أَجْمَعَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] أَنَّهَا رُبُعُ الْكِتَابَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي. وَالثَّانِي لَا يَكْفِي مَا ذَكَرَ وَيَخْتَلِفُ بِحَسْبِ الْمَالِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ قَدَّرَهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادٍ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ كَاتَبَ شَرِيكَانِ مَثَلًا عَبْدًا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا مَا يَلْزَمُ الْمُنْفَرِدَ بِالْكِتَابَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ) أَيْ الْحَطِّ أَوْ الدَّفْعِ (قَبْلَ الْعِتْقِ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ مُعَانٌ بِمَالَيْنِ زَكَاةٍ وَإِيتَاءٍ، فَلَمَّا كَانَتْ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَلِكَ الْإِيتَاءُ. وَالثَّانِي بَعْدَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ، وَيَجُوزُ مِنْ أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْوُجُوبِ كَمَا نَقُولُ: الْفِطْرَةُ تَجِبُ بِغُرُوبِ شَمْسِ لَيْلَةِ الْعِيدِ، وَوَقْتُ الْجَوَازِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْوُجُوبِ هَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَقِيلَ: يَجِبُ بِالْعِتْقِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَيَتَضَيَّقُ عِنْدَ الْعِتْقِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ فِي التَّهْذِيبِ. وَقِيلَ: إنَّهُ يَتَضَيَّقُ إذَا بَقِيَ مِنْ النَّجْمِ الْأَخِيرِ الْقَدْرُ الَّذِي يَحْمِلُهُ أَوْ يُؤْتِيهِ إيَّاهُ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ صَادِقَةٌ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَى كُلٍّ لَوْ أَخَّرَ عَنْ الْعِتْقِ أَثِمَ وَكَانَ قَضَاءً، فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ لَكِنْ يَكُونُ قَضَاءً فِيهِ تَسَمُّحٌ (وَيُسْتَحَبُّ الرُّبُعُ) أَيْ حَطُّ قَدْرِ رُبُعِ مَالٍ الْكِتَابَةِ إنْ سَمَحَ بِهِ السَّيِّدُ (وَإِلَّا فَالسُّبُعُ) رَوَى حَطَّ الرُّبُعِ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَرَوَى عَنْهُ رَفْعَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى حَطَّ السُّبُعِ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: بَقِيَ بَيْنَهُمَا حَطُّ السُّدُسِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ.

(وَيَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ (وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ فِيهَا بِدَلِيلِ خُرُوجِ اكْتِسَابِهَا عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ مِلْكَهُ عَنْهَا كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَلَوْ شَرَطَ فِي الْكِتَابَةِ أَنْ يَطَأَهَا فَسَدَ الْعَقْدُ خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ (وَلَا حَدَّ) عَلَى السَّيِّدِ (فِيهِ) أَيْ وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، لَكِنْ يُعَزَّرُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَكَذَا هِيَ.

تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْوَطْءِ قَدْ يُفْهِمُ جَوَازَ مَا عَدَا الِاسْتِمْتَاعَ، وَلَيْسَ مُرَادًا، فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>