وَالْحَقُّ فِيهِ لِلسَّيِّدِ، وَفِي قَوْلٍ لَهَا، فَلَوْ قَتَلَ فَقِيمَتُهُ لِذِي الْحَقِّ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ أَرْشَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَكَسْبَهُ وَمَهْرَهُ يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَيْهِ، وَمَا فَضَلَ وُقِفَ، فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ، وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ.
وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: مُكَاتَبٌ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْكِتَابَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، لَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُكَاتَبًا، وَلِهَذَا قَالَ عَقِبَهُ يَتْبَعُهَا رِقًّا وَعِتْقًا، وَالْمُرَادُ يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ إذَا عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ. أَمَّا إذَا رَقَّتْ ثُمَّ عَتَقَتْ بِجِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْكِتَابَةِ الْأُولَى لَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ، وَقَدْ تُوهِمُ عِبَارَتُهُ إرَادَةَ مَا سَبَقَ فِي الْمُكَاتَبَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ هَذَا فِي الْمُكَاتَبَةِ الْمُجَرَّدَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِنَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلِهَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ الْمُكَاتَبِ صُوَرٌ إحْدَاهَا: أَنَّ لِلسَّيِّدِ مُكَاتَبَتَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ كِتَابَتُهُ تَبَعِيَّةً. الثَّانِيَةُ: أَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ. الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَتْ أُنْثَى فَوَطِئَهَا السَّيِّدُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مَهْرٌ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْحَقُّ فِيهِ) أَيْ الْوَلَدِ (لِلسَّيِّدِ) كَمَا أَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي الْأُمِّ لَهُ (وَفِي قَوْلٍ لَهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْحَقُّ فِيهِ لَهَا.
تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ هَذَا التَّرْجِيحِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدُهَا مِنْ عَبْدِهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ يَعْنِي فَيَكُونُ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْأُمِّ قَطْعًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ وَهْمٌ، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ جَارِيَتَهُ، وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ إنَّمَا جَاءَهُ الرِّقُّ مِنْ أُمِّهِ لَا مِنْ رِقِّ أَبِيهِ الَّذِي هُوَ عَبْدُهَا انْتَهَى وَهَذَا أَوْجَهُ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَسَائِلَ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (فَلَوْ قَتَلَ) الْوَلَدَ (فَقِيمَتُهُ لِذِي الْحَقِّ) مِنْهُمَا، فَإِنْ قُلْنَا: لِلسَّيِّدِ فَقِيمَتُهُ لَهُ كَقِيمَةِ الْأُمِّ، أَوْ لِلْأُمِّ فَلَهَا تَسْتَعِينُ بِهَا فِي أَدَاءِ النُّجُومِ (وَالْمَذْهَبُ) وَلَوْ عَبَّرَ بِالْأَظْهَرِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ قَوْلَانِ (أَنَّ أَرْشَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ فِيمَا دُونَ نَفْسِهِ (وَ) أَنَّ (كَسْبَهُ وَمَهْرَهُ يُنْفَقُ مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَمَا فَضَلَ) عَنْ ذَلِكَ (وُقِفَ، فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ) كَمَا أَنَّ كَسْبَ الْأُمِّ إذَا عَتَقَتْ يَكُونُ لَهَا، وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ، وَفِي وَجْهٍ لَا يُوقَفُ بَلْ يُصْرَفُ إلَى سَيِّدِهَا. هَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ أَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لِسَيِّدِهَا، وَعَلَى قَوْلِ أَنَّهُ لَهَا فَيَكُونُ لَهَا مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَرْشِ وَغَيْرِهِ لَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ أَوْ لَمْ يَفِ بِمُؤْنَتِهِ فَعَلَى السَّيِّدِ مُؤْنَتُهُ فِي الْأُولَى وَبَقِيَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ حَتَّى يَكُونَ رَقِيقًا لَهُ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي وَقْتِ الْكِتَابَةِ فَيُصَدَّقُ فِيهِ كَأَصْلِهَا، وَلِأَنَّ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ مِلْكِهِ وَهِيَ تَدَّعِي حُدُوثَ مَانِعٍ مِنْهُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ الدَّارِمِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى. يَبْلُغَ الْوَلَدُ وَيَحْلِفَ وَقِيلَ: إنَّ الْأُمَّ تَحْلِفُ، فَإِنْ شَهِدَ لِلسَّيِّدِ بِدَعْوَاهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قُبِلْنَ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا.
(وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يُؤَدِّيَ) لِلسَّيِّدِ (الْجَمِيعَ) مِنْ النُّجُومِ لِحَدِيثِ «الْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» وَفِي مَعْنَى أَدَائِهِ حَطُّ الْبَاقِي عَنْهُ الْوَاجِبِ وَالْإِبْرَاءُ مِنْهُ وَالْحَوَالَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute