للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ فَسَخَهَا السَّيِّدُ فَلْيُشْهِدْ.

فَلَوْ أَدَّى الْمَالَ فَقَالَ السَّيِّدُ: كُنْتُ فَسَخْت فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ الْعَبْدُ بِيَمِينِهِ.

وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُ الْفَاسِدَةِ بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَإِغْمَائِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ، لَا بِجُنُونٍ الْعَبْدِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْمَذْهَبَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: أَنَّ الْمِثْلِيَّاتِ غَيْرُ النَّقْدَيْنِ كَالطَّعَامِ وَالْحُبُوبِ لَا يَقَعُ التَّقَاصُّ فِيهَا، وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّ مَا عَدَا الْأَثْمَانَ تُطْلَبُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ اهـ.

وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ، فَفِي الْأُمِّ لَوْ أَحْرَقَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ مِائَةَ صَاعِ حِنْطَةٍ مِثْلَ حِنْطَتِهِ، وَالْحِنْطَةُ الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ حَالَّةٌ كَانَ تَقَاصًّا، وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْرَاءُ التَّقَاصِّ سَوَاءٌ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ حُلُولًا وَأَجَلًا أَمْ لَا، وَلَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِجَعْلِ الْحَالِّ تَقَاصًّا عَنْ الْمُؤَجَّلِ لَمْ يُجْزِئْهُ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ، وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ، كَمَا قَالَ شَيْخُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ فَفِي الْأُمِّ لَوْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ وَجَبَ مِثْلُ النُّجُومِ، وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً، وَلَمْ يَكُنْ تَقَاصًّا إلَّا إنْ شَاءَ الْمُكَاتَبُ دُونَ سَيِّدِهِ اهـ.

وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ بِرِضَا الْمُكَاتَبِ وَحْدَهُ فَبِرِضَاهُ مَعَ السَّيِّدِ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلٍ وَاحِدٍ فَوَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ التَّقَاصُّ، وَعِنْدَ الْبَغَوِيِّ الْمَنْعُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِانْتِفَاءِ الْمُطَالَبَةِ. وَلِأَنَّ أَجَلَ أَحَدِهِمَا قَدْ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْآخَرِ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّرَاضِي، وَهَذَا خَاصٌّ بِغَيْرِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْعِتْقِ. أَمَّا مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ فَيَصِحُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّقَاصَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي النَّقْدَيْنِ فَقَطْ، بِشَرْطِ أَنْ يَتَّخِذَا جِنْسًا وَصِفَةً مِنْ صِحَّةٍ وَتَكَسُّرٍ وَحُلُولٍ وَأَجَلٍ، إلَّا إذَا كَانَ يُؤَدِّي إلَى الْعِتْقِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا - كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ، فَإِنْ كَانَا سَلَمَيْنِ فَلَا تَقَاصَّ وَإِنْ تَرَاضَيَا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُمَا. قَالَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا مَنَعْنَا التَّقَاصَّ فِي الدَّيْنَيْنِ، وَهُمَا نَقْدَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، فَالطَّرِيقُ فِي وُصُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا مَا عَلَى الْآخَرِ، ثُمَّ يَجْعَلَ الْمَأْخُوذَ إنْ شَاءَ عَرْضًا عَمَّا عَلَيْهِ، وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْعِوَضِ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ جَائِزٌ، وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى قَبْضِ الْعِوَضِ الْآخَرِ، أَوْ هُمَا عَرْضَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ فَلْيَقْبِضْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ قَبَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَمْ يَجُزْ رَدُّهُ عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ عِوَضٍ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ إلَّا إنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْعِوَضَ بِقَرْضٍ أَوْ إتْلَافٍ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا وَالْآخَرُ نَقْدًا أَوْ قَبَضَ الْعِوَضَ مُسْتَحِقُّهُ جَازَ لَهُ رَدُّهُ عِوَضًا عَنْ النَّقْدِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنَ سَلَمٍ، لَا إنْ قَبَضَ النَّقْدَ مُسْتَحِقُّهُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ عِوَضًا عَنْ الْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ إلَّا إنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ فِي قَرْضٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْإِتْلَافِ أَوْ كَانَ ثَمَنًا، وَإِذَا امْتَنَعَ التَّقَاصُّ، وَامْتَنَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَايِنَيْنِ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ لِمَا عَلَيْهِ حُبِسَا حَتَّى يُسَلِّمَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّيِّدَ وَالْمُكَاتَبَ يُحْبَسَانِ إذَا امْتَنَعَا مِنْ التَّسْلِيمِ، وَهُوَ مُتَأَيَّدٌ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْكِتَابَةَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ، وَلَهُ تَرْكُ الْأَدَاءِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. .

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَيَّدُ بِمَا ذَكَرَ لَوْ لَمْ يَمْتَنِعَا مِنْ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ. أَمَّا لَوْ امْتَنَعَا مِنْهُ مَعَ امْتِنَاعِهِمَا مِمَّا مَرَّ فَلَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>