أَوْ بِشُبْهَةٍ فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا فِي الْأَظْهَرِ.
وَلَهُ وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ
ــ
[مغني المحتاج]
نَكَحَهَا وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَاصِلٌ مُحَقَّقٌ فَيَكُونُ وَاطِئًا بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ النِّكَاحِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ مَلَكَ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ الْأَمَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ، فَإِذَا أَحْبَلَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي.
(أَوْ) أَحْبَلَ أَمَةَ غَيْرِهِ (بِشُبْهَةٍ) مِنْهُ كَأَنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) لِظَنِّهِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهَا. أَمَّا إذَا ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَلَوْ تَزَوَّجَ بِحُرَّةٍ وَأَمَةٍ بِشَرْطِهِ فَوَطِئَ الْأَمَةَ ظَنَّهَا الْحُرَّةَ فَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ كَمَا فِي أَمَةِ الْغَيْرِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ.
تَنْبِيهٌ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الشُّبْهَةَ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ شُبْهَةُ الْفَاعِلِ فَتَخْرُجُ شُبْهَةُ الطَّرِيقِ، وَهِيَ الْجِهَةُ الَّتِي أَبَاحَ الْوَطْءَ بِهَا عَالِمٌ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ بِهَا حُرًّا، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ لَوْ اسْتَدْخَلَتِ الْأَمَةُ ذَكَرَ حُرٍّ نَائِمٍ فَعَلِقَتْ مِنْهُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا مِنْ جِهَتِهِ، وَيَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَالْمَغْرُورِ (وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لِمَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ (إذَا مَلَكَهَا فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِقَتْ بِهِ فِي النِّكَاحِ. وَالثَّانِي: تَصِيرُ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ، وَالْعُلُوقُ بِالْحُرِّ سَبَبٌ لِلْحُرْمَةِ بِالْمَوْتِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحُرِّ. أَمَّا إذَا وَطِئَ الْعَبْدُ جَارِيَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَلَكَهَا فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْ حُرٍّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا لَوْ أَوْلَدَ السَّيِّدُ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِيهَا الِاسْتِيلَادُ. وَمِنْهَا مَا لَوْ أَوْلَدَ الْأَبُ الْحُرُّ أَمَةَ ابْنِهِ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِيهَا الِاسْتِيلَادُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا أَوْ كَافِرًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ كَمَا فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَادَ هُنَا إنَّمَا ثَبَتَ لِحُرْمَةِ الْأَبِ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ. وَمِنْهَا مَا لَوْ أَوْلَدَ الشَّرِيكُ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ إذَا كَانَ مُوسِرًا كَمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً، وَكَذَا الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ فَرْعِ الْوَاطِئِ وَأَجْنَبِيٍّ إذَا كَانَ الْأَصْلُ مُوسِرًا، وَلَوْ أَوْلَدَ الْأَبُ الْحُرُّ مُكَاتَبَةَ وَلَدِهِ هَلْ يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ وَلَدِهِ الْمُزَوَّجَةَ نَفَذَ إيلَادُهُ كَإِيلَادِ السَّيِّدِ لَهَا وَحُرِّمَتْ عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ الْحَمْلِ.
فَرْعٌ: جَارِيَةُ بَيْتِ الْمَالِ كَجَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي حَدِّ وَاطِئِهَا، وَإِنْ أَوْلَدَهَا فَلَا نَسَبَ وَلَا اسْتِيلَادَ، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ، سَوَاءٌ كَانَ فَقِيرًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْإِعْفَافَ لَا يَجِبُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
(وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ) مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلِحَدِيثِ: «أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ، وَلَا يُوهَبْنَ، وَلَا يُورَثْنَ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.
وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ بِنْتِهَا، وَعَلَّلَ ذَلِكَ لِحُرْمَتِهَا بِوَطْءِ أُمِّهَا، وَهُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَإِنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي بَابِ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute