للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَصَحُّ، أَنَّ التَّنَحْنُحَ، وَالضَّحِكَ، وَالْبُكَاءَ، وَالْأَنِينَ، وَالنَّفْخَ إنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ بَطَلَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ، أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، لَا كَثِيرِهِ فِي الْأَصَحِّ،

ــ

[مغني المحتاج]

مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ الْكَلَامُ حَرْفَانِ لِلِابْتِدَاءِ وَالْوَقْفِ، وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ فَقَطْ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ لِلنُّحَاةِ (أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) نَحْوِ " قِ " مِنْ الْوِقَايَةِ وَ " عِ " مِنْ الْوَعْيِ وَ " فِ " مِنْ الْوَفَاءِ وَ " شِ " مِنْ الْوَشْيِ (وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ لَمْ يُفْهِمْ نَحْوُ " آ " وَالْمَدُّ أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ، فَالْمَمْدُودُ فِي الْحَقِيقَةِ حَرْفَانِ.

وَالثَّانِي: لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمَدَّةَ قَدْ تَتَّفِقُ لِإِشْبَاعِ الْحَرَكَةِ، وَلَا تُعَدُّ حَرْفًا، وَهَذَا كُلُّهُ يَسِيرٌ فَبِالْكَثِيرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ) وَلَوْ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ (وَالْأَنِينَ) وَالتَّأَوُّهَ (وَالنَّفْخَ) مِنْ الْفَمِ أَوْ الْأَنْفِ (إنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ: بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ (حَرْفَانِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (وَإِلَّا فَلَا) تَبْطُلُ لِمَا مَرَّ.

وَالثَّالِثُ: لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى كَلَامًا فِي اللُّغَةِ، وَلَا يَكَادُ يَتَبَيَّنُ مِنْهُ حَرْفٌ مُحَقَّقٌ، فَأَشْبَهَ الصَّوْتَ الْغُفْلَ، وَخَرَجَ بِالضَّحِكِ التَّبَسُّمُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبَسَّمَ فِيهَا، فَلَمَّا سَلَّمَ: قَالَ: مَرَّ بِي مِيكَائِيلُ فَضَحِكَ لِي فَتَبَسَّمْتُ لَهُ» (وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ) عُرْفًا (إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) إلَيْهِ: أَيْ: لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ النَّاسِيَ مَعَ قَصْدِهِ الْكَلَامَ مَعْذُورٌ فِيهِ، فَهَذَا أَوْلَى لِعَدَمِ قَصْدِهِ (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) أَيْ: نَسِيَ أَنَّهُ فِيهَا لِلْعُذْرِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً بِالْمَسْجِدِ وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَتَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» (١) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ وَهُمْ تَكَلَّمُوا مُجَوِّزِينَ النَّسْخَ ثُمَّ بَنَى هُوَ، وَهُمْ عَلَيْهَا (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ: الْكَلَامِ فِيهَا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، بِخِلَافِ مَنْ بَعُدَ إسْلَامُهُ، وَقَرُبَ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْعِلْمِ. قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الذِّمِّيَّ الَّذِي نَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ وَإِنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ دِينِنَا. اهـ.

وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَلَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ فَسَلَّمَ مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ ثَانِيًا، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُومُ: قَدْ سَلَّمْت قَبْلَ هَذَا، فَقَالَ: كُنْت نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ، وَيُنْدَبُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ، وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ظَانًّا كَمَالَ صَلَاتِهِ فَكَالْجَاهِلِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ (لَا) فِي (كَثِيرِهِ) فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِيهِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوَرِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ وَهَيْئَاتِهَا، وَالْقَلِيلُ يُحْتَمَلُ لِقِلَّتِهِ، وَلِأَنَّ السَّبْقَ وَالنِّسْيَانَ فِي كَثِيرٍ نَادِرٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>