إلَيْهِ.
وَأَنْ يَبْصُقَ قِبَلَ وَجْهِهِ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ
وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
يَشْتَاقُ (إلَيْهِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ - أَيْ كَامِلَةٌ - بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» (١) بِالْمُثَلَّثَةِ: أَيْ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ، وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ وَتَوَقَانُ النَّفْسِ فِي غَيْبَةِ الطَّعَامِ كَحُضُورِهِ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ إنْ كَانَ يُرْجَى حُضُورُهُ عَنْ قُرْبٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ بَلْ قِيلَ: إنَّ غَيْبَةَ الطَّعَامِ لَيْسَتْ كَحُضُورِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ يُوجِبُ زِيَادَةَ تَشَوُّقٍ وَتَطَلُّعٍ إلَيْهِ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِتَوَقَانٍ يُفْهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْكُلُ مَا يَنْكَسِرُ بِهِ التَّوَقَانُ، وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْأَعْذَارِ الْمُرَخِّصَةِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَأْكُلَ حَاجَتَهُ بِكَمَالِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ.
(وَ) يُكْرَهُ (أَنْ يَبْصُقَ قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ» زَادَ الْبُخَارِيُّ «فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» وَيُكْرَهُ الْبُصَاقُ عَنْ يَمِينِهِ وَأَمَامَهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ مِنْ أَنَّهُ مُبَاحٌ، لَكِنْ مَحَلُّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَمَامَهُ إذَا كَانَ مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ إكْرَامًا لَهَا.
فَائِدَةٌ: رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: " مَا بَزَقْتُ عَنْ يَمِينِي مُنْذُ أَسْلَمْتُ " قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْبُصَاقِ عَنْ يَمِينِهِ مَا إذَا كَانَ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ بُصَاقَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ يَسَارِهِ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْقَبْرُ الشَّرِيفُ عَنْ يَسَارِهِ. فَإِنْ قِيلَ عَنْ يَسَارِهِ مَلَكٌ آخَرُ فَمَا وِجْهَةُ اخْتِصَاصِ الْمَنْعِ بِمَا ذَكَرَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ أُمُّ الْحَسَنَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَلَا دَخْلَ لِكَاتِبِ السَّيِّئَاتِ فِيهَا، فَفِي الطَّبَرَانِيِّ " فَإِنَّهُ يَقُومُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَكُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَقَرِينُهُ عَنْ يَسَارِهِ " فَالْبُصَاقُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْقَرِينِ وَهُوَ الشَّيْطَانُ، وَلَعَلَّ مَلَكَ الْيَسَارِ حِينَئِذٍ يَكُونُ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، هَذَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ بَصَقَ فِي ثَوْبِهِ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَحَكَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَلَا يَبْصُقُ فِيهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ، وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى فَاعِلِهِ وَإِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ الْمَشْهُورَ الْكَرَاهَةُ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» أَيْ وَلَوْ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ: بَلْ يَبْصُقُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ فِي جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ كَكُمِّهِ. وَبَصَقَ وَبَزَقَ لُغَتَانِ بِمَعْنًى، وَمَنْ رَأَى بُصَاقًا أَوْ نَحْوَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُزِيلَهُ وَأَنْ يُطَيِّبَ مَحَلَّهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَاذَا لَمْ تَجِبْ الْإِزَالَةُ لِأَنَّ الْبُصَاقَ فِيهِ حَرَامٌ كَمَا مَرَّ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ كَمَا قَالُوهُ فِي دَفْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي كَمَا مَرَّ.
(وَ) يُكْرَهُ (وَضْعُ يَدِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (عَلَى خَاصِرَتِهِ) لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ «الِاخْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ» . قَالَ ابْنُ حِبَّانَ يَعْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute