للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ. وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ آخَرَ لَا بِرَكْعَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. قُلْت: وَكَذَا الْجِنَازَةُ. وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ عَلَى قُرْبٍ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

الزَّوَالِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ، وَوَقَعَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالطُّلُوعِ، وَأَنَّ التَّأْخِيرَ إلَى الِارْتِفَاعِ مُسْتَحَبٌّ، وَنُسِبَ إلَى أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَالِاخْتِيَارُ فِعْلُهَا عِنْدَ مُضِيِّ رُبْعِ النَّهَارِ، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» بِفَتْحِ الْمِيمِ: أَيْ تَبْرُكُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي خِفَافِهَا، وَلِئَلَّا يَخْلُوَ كُلُّ رُبْعٍ مِنْ النَّهَارِ عَنْ عِبَادَةٍ.

(وَ) مِنْهُ (تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) لِدَاخِلِهِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهِيَ (رَكْعَتَانِ) قَبْلَ الْجُلُوسِ لِكُلِّ دُخُولٍ، وَلَوْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ الدُّخُولَاتِ أَوْ دَخَلَ مِنْ مَسْجِدٍ إلَى آخَرَ وَهُمَا مُتَلَاصِقَانِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» وَمِنْ ثَمَّ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنْ غَيْرِ تَحِيَّةٍ بِلَا عُذْرٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَنِّهَا بَيْنَ مُرِيدِ الْجُلُوسِ وَغَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ الْمُتَطَهِّرِ وَغَيْرِهِ إذَا تَطَهَّرَ فِي الْمَسْجِدِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّيْخُ نَصْرٌ بِمُرِيدِ الْجُلُوسِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ مُعَلَّقٌ عَلَى مُطْلَقِ الدُّخُولِ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ، وَإِقَامَةً لِلشِّعَارِ كَمَا يُسَنُّ لِدَاخِلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ سَوَاءٌ أَرَادَ الْإِقَامَةَ بِهَا أَمْ لَا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إذَا أَتَى بِسَلَامٍ وَاحِدٍ، وَتَكُونُ كُلُّهَا تَحِيَّةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: فَإِنْ فَصَلَ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الْمَنْعُ، وَالْجَوَازُ مُحْتَمَلٌ. اهـ. .

وَالْمَنْعُ أَظْهَرُ (وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ آخَرَ) وَإِنْ لَمْ تَنْوِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا أَنْ لَا يُنْتَهَكَ الْمَسْجِدُ بِلَا صَلَاةٍ، بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ، وَيَحْصُلُ فَضْلُهَا أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تُنْوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي بَهْجَتِهِ، وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ (لَا بِرَكْعَةٍ) أَيْ لَا تَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ (قُلْت: وَكَذَا الْجِنَازَةُ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَ) سَجْدَةُ (الشُّكْرِ) فَلَا تَحْصُلُ التَّحِيَّةُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ.

وَالثَّانِي: تَحْصُلُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ لِحُصُولِ الْإِكْرَامِ بِهَا الْمَقْصُودِ مِنْ الْخَبَرِ (وَتَتَكَرَّرُ) التَّحِيَّةُ. أَيْ طَلَبُهَا (بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ عَلَى قُرْبٍ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي كَالْبُعْدِ. وَالثَّانِي: لَا لِلْمَشَقَّةِ، وَتَفُوتُ بِجُلُوسِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ إلَّا إنْ جَلَسَ سَهْوًا، وَقَصُرَ الْفَصْلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ، وَتَفُوتُ بِطُولِ الْوُقُوفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخِي، وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَائِمًا ثُمَّ أَرَادَ الْقُعُودَ لِإِتْمَامِهَا فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْمَنْعِ، وَلَوْ دَخَلَ زَحْفًا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّحِيَّةِ. أَمَّا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَلَا تُسَنُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالطَّوَافِ، وَكَذَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ أَوْ قَرُبَ إقَامَتُهَا بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالتَّحِيَّةِ فَاتَتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، أَوْ دَخَلَ بَعْدَ فَرَاغِ الْخَطِيبِ مِنْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ وَهُوَ فِي آخِرِهَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَرُبَّمَا يُدَّعَى دُخُولُ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ: أَوْ قُرْبَ إقَامَتِهَا إلَخْ، أَوْ دَخَلَ الْخَطِيبُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>