للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُضُورِ قَرِيبٍ مُحْتَضِرٍ أَوْ مَرِيضٍ بِلَا مُتَعَهِّدٍ، أَوْ يَأْنَسُ بِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَهُوَ التَّأَذِّي يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (وَحُضُورِ) نَحْوِ (قَرِيبٍ) كَزَوْجَةٍ وَرَقِيقٍ وَصَدِيقٍ وَصِهْرٍ (مُحْتَضَرٍ) أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَحَضَرَ عِنْدَ قَرِيبِهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدِ الْعَشَرَةِ لَمَّا أُخْبِرَ أَنَّ الْمَوْتَ قَدْ نَزَلَ بِهِ وَلِأَنَّهُ يَتَأَلَّمُ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَأَلَّمُ بِذَهَابِ الْمَالِ.

وَأَلْحَقَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِمَنْ ذُكِرَ الْأُسْتَاذَ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ الْعَتِيقِ وَالْمُعْتِقِ بِهِمْ أَيْضًا (أَوْ) حُضُورِ (مَرِيضٍ بِلَا مُتَعَهِّدٍ) لَهُ لِئَلَّا يَضِيعَ سَوَاءٌ أَكَانَ قَرِيبًا أَمْ أَجْنَبِيًّا إذَا خَافَ هَلَاكَهُ إنْ غَابَ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ خَافَ عَلَيْهِ ضَرَرًا ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ (أَوْ يَأْنَسُ) الْقَرِيبُ أَوْ نَحْوُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (بِهِ) وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَتُهُ أَنَّ الْأُنْسَ عُذْرٌ فِي الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ قَالَ: وَحُضُورُ قَرِيبٍ مُحْتَضَرٍ أَوْ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ أَوْ مَرِيضٍ بِلَا مُتَعَهِّدٍ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَالَ الشَّارِحُ: إنَّ قَوْلَهُ أَوْ مَرِيضٍ عَطْفٌ عَلَى مُحْتَضَرٍ فَيَفُوتُ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ يُعْذَرُ لِأَجْلِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَعَهِّدُ مُشْتَغِلًا بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ مَثَلًا عَنْ الْخِدْمَةِ، فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَهِّدٌ.

تَتِمَّةٌ: بَقِيَ مِنْ الْأَعْذَارِ السِّمَنُ الْمُفْرِطُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَرَوَى فِيهِ خَبَرًا، وَكَوْنُهُ مِنْهَا كَمَا نُقِلَ عَنْ الذَّخَائِرِ، وَزِفَافُ زَوْجَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ اللَّيْلِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقَسْمِ، وَغَلَبَةُ النُّعَاسِ وَالنَّوْمِ إنْ انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ وَالْبَحْثُ عَنْ ضَالَّةٍ يَرْجُوهَا، وَالسَّعْيُ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا لِمَنْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا لِكَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ لِلرَّجُلِ. وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَعْذَارًا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى قَوْلِ الْفَرْضِ، وَالْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ، لَا حُصُولُ فَضْلِهَا، وَيُوَافِقُهُ جَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ «سَأَلَ أَعْمَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ لِكَوْنِهِ لَا قَائِدَ لَهُ فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَجِبْ» بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا تُلْحِقُهُ بِفَضِيلَةِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً؟ فَقِيلَ لَا، وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا وَكَانَ قَصْدُهُ الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَارْتَضَاهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ، وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ أَبِي مُوسَى «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ صَحِيحًا مُقِيمًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ فَضْلِهَا مَرْدُودٌ سَبَبُهُ الذُّهُولُ كَمَا سَبَقَ نَقْلًا وَاسْتِدْلَالًا، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَأَكْلِ بَصَلٍ وَثُومٍ، وَكَلَامَ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ وَجَعَلَ حُصُولَهَا كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>