وَلَوْ حَضَرَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ صُفَّا خَلْفَهُ وَكَذَا امْرَأَةٌ أَوْ نِسْوَةٌ، وَيَقِفُ خَلْفَهُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ النِّسَاءُ.
ــ
[مغني المحتاج]
التَّأَخُّرُ لِضِيقِ مَكَان مَثَلًا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَعَلَ الْمُمْكِنَ مِنْهُمَا، وَخَرَجَ بِحَالَةِ الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ غَيْرُهُمَا فَلَا يَتَأَتَّى التَّقَدُّمُ أَوْ التَّأَخُّرُ فِيهِ إلَّا بِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ غَالِبًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لِلْعَاجِزِينَ عَنْ الْقِيَامِ، وَأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ الثَّانِي، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ لِئَلَّا يَصِيرَ مُنْفَرِدًا وَلَوْ لَمْ يَسَعْ الْجَائِيَ الثَّانِيَ الْمَوْقِفُ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ أَحْرَمَ خَلْفَهُ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ.
(وَلَوْ حَضَرَ) مَعَ الْإِمَامِ ابْتِدَاءً (رَجُلَانِ) أَوْ صَبِيَّانِ (أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ صَفًّا) أَيْ قَامَا صَفًّا (خَلْفَهُ) بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَكَذَا مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ أَمَّا الرَّجُلَانِ فَلِحَدِيثِ جَابِرٍ السَّابِقِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ وَالصَّبِيُّ فَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقُمْت أَنَا وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» (١) فَلَوْ وَقَفَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا خَلْفَهُ وَالْآخَرُ بِجَنْبِهِ أَوْ خَلْفَ الْأَوَّلِ كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ. (وَكَذَا امْرَأَةٌ) وَلَوْ مَحْرَمًا أَوْ زَوْجَةً (أَوْ نِسْوَةٌ) تَقُومُ أَوْ يَقُمْنَ خَلْفَهُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الذَّكَرِ أَوْ امْرَأَةٌ وَذَكَرَانِ وَقَفَا خَلْفَهُ وَهِيَ خَلْفَهُمَا، أَوْ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ (وَيَقِفُ) إذَا اجْتَمَعَ الرِّجَالُ وَغَيْرُهُمْ (خَلْفَهُ الرِّجَالُ) أَيْ خَلْفَ الْإِمَامِ لِفَضْلِهِمْ (ثُمَّ الصِّبْيَانُ) لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ ثُمَّ الْخَنَاثَى كَمَا فِي التَّنْبِيهِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ (ثُمَّ النِّسَاءُ) لِتَحَقُّقِ أُنُوثَتِهِمْ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا» (٢) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: لِيَلِيَنِّي بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَبِحَذْفِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ رِوَايَتَانِ، وَأُولُو: أَيْ أَصْحَابُ. وَالْأَحْلَامُ: جَمْعُ حِلْمٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ التَّأَنِّي فِي الْأَمْرِ. وَالنُّهَى: جَمْعُ نُهْيَةٍ بِالضَّمِّ: وَهِيَ الْعَقْلُ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ النُّهَى: الْعُقُولُ، وَأُولُو الْأَحْلَامِ الْعُقَلَاءُ. وَقِيلَ: الْبَالِغُونَ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ اللَّفْظَانِ بِمَعْنًى، وَلِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ عُطِفَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ تَأْكِيدًا، وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ مَا إذَا حَضَرَ الْجَمِيعُ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَلَوْ سَبَقَ الصِّبْيَانُ بِالْحُضُورِ لَمْ يُؤَخَّرُوا لِلرِّجَالِ اللَّاحِقِينَ كَمَا لَوْ سَبَقُوا إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ أَحَقُّ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ بِخِلَافِ الْخَنَاثَى وَالنِّسَاءِ، وَإِنَّمَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ عَنْ الرِّجَالِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا لَمْ يَسَعْهُمْ صَفُّ الرِّجَالِ وَإِلَّا كُمِّلَ بِهِمْ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ الصِّبْيَانُ أَفْضَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَأَنْ كَانُوا فَسَقَةً وَالصِّبْيَانُ صُلَحَاءُ قُدِّمُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute