إلَّا تَكْبِيرَةُ إحْرَامٍ.
وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ.
أَوْ بِرُكْنَيْنِ بِأَنْ فَرَغَ مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا،
ــ
[مغني المحتاج]
أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَاعَةِ، وَضَابِطُهُ أَنَّهُ حَيْثُ فَعَلَ مَكْرُوهًا مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَأْمُورٍ بِهِ فِي الْمُوَافَقَةِ وَالْمُتَابَعَةِ كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ فَاتَهُ فَضْلُهَا إذْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَمَاعَةٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ مَعَ انْتِفَاءِ الثَّوَابِ فِيهَا؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا إمَّا عَلَى الْعَيْنِ أَوْ عَلَى الْكِفَايَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِقِيَامِ الشِّعَارِ ظَاهِرًا، وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْمُقَارَنَةِ الْمُفَوِّتَةِ لِذَلِكَ الْمُقَارَنَةُ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ أَوْ يُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْبَعْضِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ لَا تُفَوِّتُ ذَلِكَ: أَيْ فَضِيلَةَ كُلِّ الصَّلَاةِ بَلْ مَا قَارَنَ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ رُكْنًا أَوْ أَكْثَرَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. وَأَمَّا ثَوَابُ الصَّلَاةِ فَلَا يَفُوتُ بِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا صَلَّى بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ فَالْمَكْرُوهُ أَوْلَى. وَلَا يُقَالُ هَذَا لِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ. لِأَنَّا نَقُولُ: وَهَذَا الْمَكْرُوهُ كَذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ لِذَاتِ الصَّلَاةِ لَمَنَعَ انْعِقَادَهَا كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ (إلَّا) فِي (تَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ) فَإِنَّهُ إنْ قَارَنَهُ فِيهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا أَوْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ هَلْ قَارَنَهُ فِيهَا أَمْ لَا؟ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَوْ ظَنَّ التَّأَخُّرَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، هَذَا إذَا نَوَى الِائْتِمَامَ مَعَ التَّكْبِيرِ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ مُصَلٍّ فَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَتِهِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ، وَفَارَقَ ذَلِكَ الْمُقَارَنَةَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بِانْتِظَامِ الْقُدْوَةِ فِيهَا لِكَوْنِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ. وَإِنَّمَا قُيِّدَ الْبُطْلَانُ بِمَا إذَا نَوَى الِائْتِمَامَ مَعَ التَّكْبِيرِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى فَإِنَّهُ تَصِحُّ قُدْوَتُهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ تَكْبِيرُهُ عَلَى تَكْبِيرِ الْإِمَامِ. تَنْبِيهٌ اسْتِثْنَاءُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْأَفْعَالِ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّهُ رُكْنٌ قَوْلِيٌّ. نَعَمْ يَصِيرُ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا بِمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ، وَقَضِيَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ جَوَازُ شُرُوعِ الْمَأْمُومِ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَجِبُ تَأْخِيرُ جَمِيعِهَا عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُقَارَنَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْمُسَاوَقَةِ، لِأَنَّ الْمُسَاوَقَةَ فِي اللُّغَةِ مَجِيءُ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ لَا مَعًا.
(وَإِنْ تَخَلَّفَ) الْمَأْمُومُ (بِرُكْنٍ) فِعْلِيٍّ عَامِدًا بِلَا عُذْرٍ (بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (فِيمَا قَبْلَهُ) كَأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ رَفْعَ الِاعْتِدَالِ وَالْمَأْمُومُ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ تَخَلُّفٌ يَسِيرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ طَوِيلًا كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ أَمْ قَصِيرًا كَأَنْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَهَوَى مِنْ الْجِلْسَةِ بَعْدَهَا لِلسُّجُودِ وَالْمَأْمُومُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِي: تَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.
أَمَّا إذَا تَخَلَّفَ بِدُونِ رُكْنٍ كَأَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ دُونَ الْمَأْمُومِ ثُمَّ لَحِقَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، أَوْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ لِعُذْرٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ قَطْعًا.
(أَوْ) تَخَلَّفَ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ (بِأَنْ فَرَغَ) الْإِمَامُ (مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا) كَأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ هَوِيَّ السُّجُودِ وَالْمَأْمُومُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute