وَلَوْ شَكَّ فِيهَا، فَقَالَ: إنْ قَصَرَ قَصَرْت وَإِلَّا أَتْمَمْت قَصَرَ فِي الْأَصَحِّ.
وَيُشْتَرَطُ لِلْقَصْرِ نِيَّتُهُ فِي الْإِحْرَامِ
وَالتَّحَرُّزُ عَنْ مُنَافِيهَا دَوَامًا، وَلَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا ثُمَّ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَقْصُرُ أَوْ يُتِمُّ، أَوْ فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ
ــ
[مغني المحتاج]
الْمُسَافِرِ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَمَلًا وَأَكْثَرُ أَجْرًا إذَا كَانَ سَفَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ، وَلَيْسَ لِلنِّيَّةِ شِعَارٌ تُعْرَفُ بِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُقْصِرٍ فِي الِاقْتِدَاءِ عَلَى التَّرَدُّدِ، فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ مُتِمٌّ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَشَكَّ فِي نِيَّتِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَهُ مُسَافِرًا وَلَمْ يَشُكَّ كَالْإِمَامِ الْحَنَفِيِّ فِيمَا دُونَ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ لِامْتِنَاعِ الْقَصْرِ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُتَّجَهُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا إذَا أَخْبَرَ الْإِمَامُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِأَنَّ عَزْمَهُ الْإِتْمَامُ.
(وَلَوْ شَكَّ فِيهَا) أَيْ فِي نِيَّةِ إمَامِهِ الْقَصْرَ (فَقَالَ) مُعَلِّقًا عَلَيْهَا فِي ظَنِّهِ (إنْ قَصَرَ قَصَرْت، وَإِلَّا) بِأَنْ أَتَمَّ (أَتْمَمْت قَصَرَ فِي الْأَصَحِّ) إنْ قَصَرَ إمَامُهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْمُقْتَضَى وَالثَّانِي لَا يَقْصُرُ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ. أَمَّا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُتِمًّا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَالَ: كُنْت نَوَيْت الْإِتْمَامَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ، أَوْ نَوَيْت الْقَصْرَ جَازَ لِلْمَأْمُومِ الْقَصْرُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمَأْمُومِ مَا نَوَاهُ الْإِمَامُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ احْتِيَاطًا. وَقِيلَ: لَهُ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْإِمَامِ. .
وَخَامِسُ الشُّرُوطِ نِيَّةُ الْقَصْرِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ لِلْقَصْرِ نِيَّتُهُ) بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَيَلْزَمُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ (فِي الْإِحْرَامِ) كَأَصْلِ النِّيَّةِ، وَمِثْلُ نِيَّةِ الْقَصْرِ مَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ مَثَلًا رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ تَرَخُّصًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَمَا لَوْ قَالَ: أُؤَدِّي صَلَاةَ السَّفَرِ كَمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ مَا ذُكِرَ فِيهِ بِأَنْ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ أَطْلَقَ أَتَمَّ لِأَنَّهُ الْمَنْوِيُّ فِي الْأُولَى وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ. .
وَسَادِسُ الشُّرُوطِ التَّحَرُّزُ عَمَّا يُنَافِيهَا كَمَا قَالَ (وَالتَّحَرُّزُ عَنْ مُنَافِيهَا) أَيْ نِيَّةِ الْقَصْرِ (دَوَامًا) أَيْ فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ كَنِيَّةِ الْإِتْمَامِ، فَلَوْ نَوَاهُ بَعْدَ نِيَّةِ الْقَصْرِ أَتَمَّ، وَعُلِمَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ التَّحَرُّزُ عَنْ مُنَافِيهَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِدَامَةُ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا ثُمَّ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَقْصُرُ أَمْ يُتِمُّ) أَتَمَّ (أَوْ) تَرَدَّدَ: أَيْ شَكَّ (فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ) أَمْ لَا أَتَمَّ وَإِنْ تَذَكَّرَ فِي الْحَالِ أَنَّهُ نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ حَالَ التَّرَدُّدِ عَلَى التَّمَامِ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ وَلَمْ يُصَدِّرْهُمَا بِالْفَاءِ. قَالَ الشَّارِحُ: لِضَمِّهِ إلَيْهِمَا فِي الْجَوَابِ مَا لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ اخْتِصَارًا فَقَالَ: (أَوْ قَامَ) وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَحْرَمَ (إمَامُهُ لِثَالِثَةٍ فَشَكَّ هَلْ هُوَ مُتِمٌّ أَمْ سَاهٍ أَتَمَّ) وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ نَفْسِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ وَتَذَكَّرَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَضُرَّ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ كَعَدَمِهَا فَزَمَانُهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لَكِنَّهُ عُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَهُنَا الْمَوْجُودُ حَالَ الشَّكِّ مَحْسُوبٌ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ نَوَى الْقَصْرَ أَمْ الْإِتْمَامَ؛ لِوُجُودِ أَصْلِ النِّيَّةِ، فَصَارَ مُؤَدِّيًا لِجُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى التَّمَامِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ فَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ. تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ تَرْكِيبٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ قِسْمًا مِمَّا لَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِتَدَافُعِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَوْ شَكَّ كَمَا قَدَّرْته فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ لَاسْتَقَامَ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute