وَكَذَا الْقَصِيرُ فِي قَوْلٍ، فَإِنْ كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى فَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ وَإِلَّا فَعَكْسُهُ.
وَشُرُوطُ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ: الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى، فَلَوْ صَلَّاهُمَا فَبَانَ فَسَادُهَا فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ. وَنِيَّةُ الْجَمْعِ، وَمَحَلُّهَا أَوَّلُ الْأُولَى، وَتَجُوزُ فِي أَثْنَائِهَا فِي الْأَظْهَرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَهُوَ مُنْتَفٍ هَهُنَا بِخِلَافِ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ التَّقْدِيمِ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ تَسْقُطْ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ حَذَفَ بِالتَّيَمُّمِ كَانَ أَوْلَى: أَيْ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْمُتَيَمِّمِ.
(وَكَذَا) يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ فِي السَّفَرِ (الْقَصِيرِ فِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ كَالتَّنَفُّلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْقَصْرِ، وَالْمَجْمُوعَةِ فِي وَقْتِ الْأُخْرَى أَدَاءً كَالْأُخْرَى؛ لِأَنَّ وَقْتَيْهِمَا صَارَا وَاحِدًا، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الصُّبْحُ مَعَ غَيْرِهَا وَالْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ فَلَا جَمْعَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ، وَلَا فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي سَفَرِ قَصْرٍ وَلَوْ لِمَكِّيٍّ وَلَا فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: يَجُوزُ إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ الْجَمْعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى فِي الْحَجِّ الْجَمْعُ بِعَرَفَةَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَبِمُزْدَلِفَةَ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنَّ الْجَمْعَ فِيهِمَا أَفْضَلُ قَطْعًا فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلِاتِّبَاعِ، وَسَبَبُهُ السَّفَرُ فِي الْأَظْهَرِ لَا النُّسُكُ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَجِّ، وَإِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ أَنَّ سَبَبَهُ النُّسُكُ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ فِي سَائِرِ كُتُبِهِ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الشَّاكُّ وَالرَّاغِبُ عَنْ الرُّخْصَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيِّ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ إذَا جَمَعَ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ أَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ فَالْجَمْعُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَذَا مَنْ خَافَ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ عَدَمَ إدْرَاكِ الْعَدُوِّ لِاسْتِنْقَاذِ أَسِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَإِنْ كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى) نَازِلًا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَسَائِرٍ يَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ (فَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى بِأَنْ كَانَ نَازِلًا فِيهِ سَائِرًا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (فَعَكْسُهُ) لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ لِلْمُسَافِرِ، وَمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَ الْمَتْنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ سَائِرًا فِي وَقْتَيْهِمَا أَوْ نَازِلًا فِيهِ، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
(وَشُرُوطُ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ) بَلْ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا: (الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى) لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا وَالثَّانِيَةَ تَبَعٌ لَهَا، فَلَوْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الظُّهْرِ لَمْ تَصِحَّ وَيُعِيدُهَا بَعْدَ الظُّهْرِ إنْ أَرَادَ الْجَمْعَ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى مَتْبُوعِهِ (فَلَوْ صَلَّاهُمَا) مُبْتَدِئًا بِالْأُولَى. (فَبَانَ فَسَادُهَا) بِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ (فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْضًا لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْأُولَى، وَالْمُرَادُ بِفَسَادِهَا بُطْلَانُ كَوْنِهَا عَصْرًا أَوْ عِشَاءً لَا أَصْلَ الصَّلَاةِ بَلْ تَنْعَقِدُ نَافِلَةً عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ قَبْلَ وَقْتِهِ جَاهِلًا بِالْحَالِ (وَ) ثَانِيهَا (نِيَّةُ الْجَمْعِ) لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ عَنْ التَّقْدِيمِ سَهْوًا (وَمَحَلُّهَا) الْفَاضِلُ (أَوَّلُ الْأُولَى) كَسَائِرِ الْمَنْوِيَّاتِ فَلَا يَكْفِي تَقْدِيمُهَا بِالِاتِّفَاقِ (وَتَجُوزُ فِي أَثْنَائِهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى نِيَّةِ الْقَصْرِ بِجَامِعِ أَنَّهُمَا رُخْصَتَا سَفَرٍ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْجَمْعَ هُوَ ضَمُّ الثَّانِيَةِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute